مسألة زواج المتعة من أبرز القضايا الخلافية التي أثارت جدلاً واسعًا عبر التاريخ بين السنة والشيعة، حيث يستند بعض (الفرق الشيعية) إلى روايات تزعم مشروعية هذا الزواج، بينما يذهب جمهور (أهل السنة) إلى تحريمه واعتباره منسوخًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم. وقد نُقلت في كتب بعض الفرق الشيعية روايات عن مناظرات مع أشخاص يسألون عن زواج المتعة وهل فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ويستندون في استدلالاتهم إلى أن عدم قيام الرسول أو الأئمة – كما يزعمون – بالعمل به لا يعني تحريمه. ومن بين تلك النصوص ما أورده المفيد في كتاب الفصول المختارة، الذي يعرض مناظرة بينه وبين رجل أعجمي لا علم له بالفقه، لكنه تساءل عن موقف النبي والأئمة من المتعة.
نص الرواية:
جاء في الفصول المختارة للمفيد (ص159):
"فقال صاحب المجلس وهو رجل أعجمي لا معرفة له بالفقه وإنما يعرف الظواهر: أنا أسالك في هذا الباب عن مسألة، خبرني هل تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله متعة أو تزوج أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقلت له: لم يأت بذلك خبر ولا علمته. فقال لي: لو كان في المتعة خير ما تركها رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام. فقلت له: أيها القائد ليس كل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله كان محرماً، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كافة لم يتزوجوا بالإماء، ولا نكحوا الكتابيات، ولا خالعوا، ولا تزوجوا بالزنج، ولا نكحوا السند، ولا اتجروا إلى الأمصار، ولا جلسوا باعة للتجارة، وليس ذلك كله محرماً ولا منه شيء محظور، إلا ما اختصت الشيعة به دون مخالفيها من القول في نكاح الكتابيات."
الرد على الرواية:
تناقض تبريرات معممي الشيعة:
الشيخ المفيد يعترف بعدم وجود خبر صحيح بأن النبي صلى الله عليه وسلم أو علي رضي الله عنه قد تزوج متعة، ومع ذلك يُحاول تبرير الأمر بمقارنته بأفعال أخرى لم يفعلها النبي، كالتجارة أو الزواج من بعض الأقوام. وهذا قياس مع الفارق، لأن الزواج المتعة كان مما أُبيح في بداية الإسلام ثم نُسخ وحُرم، بخلاف الأمثلة المذكورة التي لم يرد فيها نص تحريم أو نسخ.
مختارات من موقع السقيفة: |
موقف عمر سهم أهل البيت من الخمس خطورة الرافضة على الإسلام وأهله أسماء أشخاص أو فرق حذر الذهبي من مصنفاتهم |
ثبوت النسخ بالقرآن والسنة:
قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المؤمنون: 5-6]. فجعل الله الفرج لا يُستباح إلا بعقد الزوجية الدائمة أو بملك اليمين. أما المتعة فهي عقد مؤقت لا يحقق معنى الزواج الشرعي. كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله" رواه مسلم
الخلط بين الترك والتحريم:
استدلال المفيد بأن مجرد عدم فعل النبي لا يعني التحريم صحيح في بعض الأمور، لكن ليس فيما نُقل فيه نص صحيح بتحريم أو نسخ. فالمتعة ثبت تحريمها نصًا، بخلاف ما ذكره من الزواج بالإماء أو التجارة وغيرها.
استغلال الرواية في تقرير البدعة:
الرواية تحاول صرف النظر عن غياب النص الصحيح الدال على أن النبي أو الأئمة مارسوا المتعة، وتفتح الباب لتبرير استمرارها، وهو ما يتعارض مع الأحاديث الثابتة والآيات المحكمة.
المصادر:
◘ الشيخ المفيد، الفصول المختارة، ص159.
◘ صحيح مسلم (باب نكاح المتعة).
◘ القرآن الكريم، سورة المؤمنون: 5-6.