من القضايا التي تناولتها النصوص الشيعية بتفصيل، مسألة أصول الكفر ومسببات الانحراف عن طاعة الله تعالى. فالكفر لا ينشأ فجأة، بل له جذور نفسية وأخلاقية تغرس في القلب ثم تظهر على شكل أعمال ومعاصٍ. ومن هذه الروايات الشيعية التي تجزم على حد قولها بأصول الكفر ما جاء في كتاب الكافي للكليني، حيث بين الإمام جعفر الصادق عليه السلام أن أصول الكفر ترجع إلى ثلاثة عناصر أساسية: الحرص، الاستكبار، الحسد. وقد جسّد كل عنصر منها موقفًا عمليًا في تاريخ البشرية؛ فالحرص ظهر في معصية آدم، والاستكبار تجلى في رفض إبليس السجود، والحسد تمثل في قتل أحد ابني آدم لأخيه. إن هذه الأصول الثلاثة تُعدّ بمثابة جذور الشر التي يتفرع عنها سائر المعاصي والانحرافات- حسب زعم الشيعة.

نص الرواية:

جاء في الكافي للكليني:

" 1  -  الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أُصُولُ الْكُفْرِ ثَلَاثَةٌ الْحِرْصُ وَ الِاسْتِكْبَارُ وَ الْحَسَدُ فَأَمَّا الْحِرْصُ فَإِنَّ آدَمَ ( عليه السلام ) حِينَ نُهِيَ عَنِ الشَّجَرَةِ حَمَلَهُ الْحِرْصُ عَلَى أَنْ أَكَلَ مِنْهَا وَ أَمَّا الِاسْتِكْبَارُ فَإِبْلِيسُ حَيْثُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ فَأَبَى وَ أَمَّا الْحَسَدُ فَابْنَا آدَمَ حَيْثُ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ "

الكافي الكليني - ج 2  ص 289 ، وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول صحيح ج 10 ص 73 .

الخاتمة:

إن الرواية الواردة في الكافي توضح بجلاء أن الكفر ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة انحراف داخلي يبدأ من القلب. فحرص الإنسان يوقعه في تجاوز حدود الله، واستكباره يمنعه من الخضوع للحق، وحسده يدفعه إلى ظلم الآخرين. ومن هنا كان على الإنسان أن يتزكى من هذه الأدواء الثلاثة، لأنها بمثابة بذور تنمو لتصبح شجرة الكفر والمعصية.

فالطريق إلى الإيمان يبدأ من القلب، بتطهيره من الحرص، وإخضاعه لله تواضعًا، وتنزيهه عن الحسد.