تُعَدُّ الأعياد الإسلامية من أبرز الشعائر التي جسّد فيها رسول الله ﷺ منهج العبادة والطاعة، حيث جمع بين أداء الصلاة والخطبة لتعليم الناس وتذكيرهم بما يُصلح دينهم ودنياهم. وقد ظلَّ الصحابة الكرام على هذا النهج المبارك حتى ظهرت بعض التغييرات في زمن لاحق.
ومن أبرز المواقف التي تُجسِّد تمسك السلف بالسنة وإنكار المنكر، ما قام به الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه حين أنكر على مروان بن الحكم ـ وهو أمير المدينة ـ تقديمه الخطبة على الصلاة يوم العيد. هذا الموقف يُبرِز قيمة الثبات على السنة، ويدحض في الوقت نفسه دعاوى الشيعة والرافضة الذين يزعمون أن بني أمية كانوا يُجبِرون الناس على طاعتهم في معصية الله أو أنهم غيّروا معالم الشريعة.
نص الرواية:
عن أبي سعيد الخدري قال:
«كان رسول الله ﷺ يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف، فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بعثًا قطعه، أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف.
مقالات السقيفة ذات صلة |
رواية: سماك بن حرب نزل إلى الفرات وأغمس رأسه فردّ بصره |
قال أبو سعيد:
فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع، فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم والله.
فقال: أبا سعيد، قد ذهب ما تعلم.
فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم.
فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة».
(رواه البخاري 4/105 حديث 956).
🔹هذا الحديث يدل على تمسك السلف الصالح بأمر الله ورسوله ﷺ، وإنكار المنكر على من تلبس به كائنًا من كان. ومن ذلك استنكار أبي سعيد رضي الله عنه على مروان بن الحكم تقديمه الخطبة على صلاة العيد.
🔹بل فيه إبطال لادعاء الرافضة أن بني أمية كان لهم تأثيرهم ضد السنة وأنهم كانوا يجبرون الناس على طاعتهم في معصية الله.
🔹ثم إن مروان لم تثبت له صحبة حتى يُنسب فعله هذا إلى الصحابة. فقد توفي النبي ﷺ ومروان له من العمر ثماني سنوات، وهو لم ير النبي ﷺ لأنه خرج مع أبيه إلى الطائف. ولهذا عده الذهبي من كبار التابعين.
وقال ابن حجر: «لم أرَ من جزم بصحبته ﷺ» (الإصابة 9/318).
سؤال:
فما علاقة فعل مروان بن الحكم في الصلاة بالصحابة هل تغييره يعتبر تغييرهم؟ فكيف تحكمون؟
فعل مروان في تقديم الخطبة على الصلاة لا يُعتبر تغييرًا من الصحابة ولا يُنسب إليهم، وإنما هو اجتهاد منه خالف فيه السنة، فأنكر عليه الصحابي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه. وهذا الموقف يرسّخ قاعدة عظيمة وهي أن إنكار المنكر واجب ولو كان على صاحب منصب، وأن التمسك بالسنة هو النجاة من الانحراف. كما يُبيّن بطلان دعاوى الشيعة في اتهام الصحابة وبني أمية بتحريف الدين أو مخالفة سنة الرسول ﷺ.