بين العصمة والتكليف:
من المسائل العقدية التي أثارت جدلاً واسعًا في كتب التفسير والحديث قضية عصمة الأنبياء، ومدى حمايتهم من الخطأ أو الاشتباه في تلقي الوحي. فقد أورد المفسر الشيعي علي بن إبراهيم القمي في تفسيره رواية مثيرة للنقاش عند تفسير قوله تعالى: ﴿حَتّى إِذا استَيْأَسَ الرُسُلُ وَظَنّوا أَنّهُم قَدْ كُذِبوا جاءَهُمْ نَصْرُنا﴾ [يوسف: 110]
مقالات السقيفة ذات صلة: |
شبهة حديث موسى والحجر بين البخاري والشيعة دروس من قصة موسى والخضر.. معجزات ودروس |
إذ جاء في الرواية عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: "وكلهم الله إلى أنفسهم فظنوا أن الشياطين قد تمثلت لهم في صورة الملائكة".
هذه الرواية – إن صحت – تطرح إشكالاً عقديًا عميقًا: كيف يمكن للرسل الذين اصطفاهم الله لحمل الرسالة أن يلتبس عليهم الأمر إلى حد الظن بأن الشياطين قد تمثلت لهم في صورة ملائكة؟ أليس في هذا طعن صريح في مبدأ العصمة الذي يفترض أن يحمي الأنبياء من مثل هذا الاشتباه؟ وإذا كان الرسول لا يميز بين الشيطان والملك، فما الذي يميزه عن سائر البشر؟ هذه التساؤلات تجعل من الرواية محل بحث ونقد، وتدفع إلى إعادة النظر في مدى انسجامها مع العقيدة القرآنية الثابتة.
ولننظر الى هذه الرواية التي جاء فيها ان الله تعالى يكل بعض الرسل الى أنفسهم.
فقد جاء في تفسير القمي:
وقوله: ﴿حتى إذا استيئس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا﴾ فإنه حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال وكلهم الله إلى أنفسهم فظنوا أن الشياطين قد تمثلت لهم في صورة الملائكة " اهـ.[1]
الرواية بينت ان الرسل ظنوا الشياطين ملائكة، فاين العصمة وما هي فائدتها؟ إذا وصل الحال بالرسل عدم التمييز بين الشيطان والملك فما هو الشيء الذي يميز الرسول عن غيره؟!
[1] تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي - ج 1 ص 358.