تُعَدّ الطائفة الاثنا عشرية أكبر فروع الشيعة وأكثرها انتشارًا في العالم الإسلامي، وقد شهد تاريخها الداخلي انقسامات فكرية ومنهجية واضحة بين عدد من المدارس الفقهية والعقائدية. وتتمحور هذه الانقسامات حول طبيعة الاستدلال الشرعي، وموقفهم من الاجتهاد، ومصادر التشريع، الأمر الذي أفرز مدارس متميزة في الفكر الشيعي، من أبرزها الإخبارية، والأصولية، والشيخية. في هذا المقال، نستعرض أهم هذه الأقسام، مع بيان أبرز أفكارها، وأشهر علمائها، ومناطق انتشارها.

أبرز أقسام الاثني عشرية:

يمكن تقسيم الشيعة المعاصرين باعتبارين:

أولاً: الأقسام العلمية: أهمها ثلاثة:

 أ. الإخبارية[1].

ب. الأصولية[2].

ج. الشيخية.

وسنوضح الفرق بين الشيعة الإخبارية والشيعة الأصولية من حيث التعريف، وأهم الأفكار، وأبرز الشخصيات، وأماكن التواجد:

الشيعة الإخبارية:

التعريف:

 هم فرقـة من الشيعـة الامـاميـة الاثني عشرية، نشأت في القرن الحـادي عشـر الهـجـري[3]؛ يمنعون الاجتهاد في الأحكام الشرعية ويعملون بالأخبار.

أهم الأفكار:

1-   كل ما في كتب الأخبار الأربعة المعروفة للشيعة قطعي السند، أو موثوق بصدوره فلا يحتاج الى البحث عن سنده، ولا يرون تقسيمها الى أقسام الحديث المعروفة؛ من الصحيح والحسن والموثق والضعيف وغيرها، بل كلها صحيحة.

2-  يوجبون الاحتياط عند الشك في التحريم ولو مع عدم سبق العلم الإجمالي.

3-  يسقطـون مـن الادلـة الأربـعـة المذكورة في أصول الفقه دليل العقل والإجماع ويقتصرون على الكتاب والخبر.

أبـرز الأعيان:

1-  الملا محمد أمين بن محمد شريف الاسترابادي (ت 1036هـ)

2-  محمد بن الحسن الحر العاملي (ت 1104 ه‍ـ)

3-  محمد محسن المشتهر بالفيض الكاشاني. ومن المعاصرين: الشيخ محسن آل عصفور.

أمـاكن التواجد:

 طغى المذهب الإخباري في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري والقرن الثاني عشر الهجري في غالب الحوزات العلمية الاثني عشرية، ثم ما لبث أن انحسر منذ بداية القرن الثالث عشر الهجري، لشدة الهجمة المضادة من قبل الأصوليين. وبعد الثورة الخمينية حسم الصراع- تقريبًا- داخل المذهب الاثني عشري لصالح الأصوليين؛ حيث صارت لهم السلطة والغلبة، ودان بمشربهم السواد الأعظم من الشيعة الاثني عشرية، وغالب الحوزات العلمية الشيعية على مذهب الأصوليين، وانحسر الإخباريون ولم يعد لهم تواجد في كثير من البلاد باستثناء بعض الأماكن، لعل أشهرها البحرين ممثلين بمدرسة آل عصفور.

الشيعة الأصولية:

التعريف:

هم أكثر علماء الاثني عشرية، وأقدم في الظهور، وهم القائلون بالاجتهاد، وبأن أدلة الأحكام: الكتاب والسنة والإجماع[4]ودليل العقل، ولا يحكمون بصحة كل ما في الكتب الأربعة.

أهم الأفكار:

1-  يقولون بالاجتهاد.

2-  أدلة الأحكام أربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، ودليل العقل.

3-  الأخبار المشتملة عليها الكتب الأربعة في أسانيدها الصحيح والحسن والموثق والضعيف وغيرها، وأنه يجب البحث عن أسانيدها عند إرادة العمل بها.

4-  يقولون بالبراءة [أي: براءة الذمّة] عند الشك في الوجوب أو التحريم، إلا أن يسبق العلم الإجمالي بالوجوب أو التحريم ويشك في الواجب أو المحرم فيجب الاحتياط.

أبـرز الأعيان:

1-  أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه‍

2-  علي بن الحسين بن موسى بن محمد الملقب بالمرتضى (ت 436هـ)

3-  الإمام الخميني روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي (ت 1409هـ)

4-  ومن المعاصرين: علي السيستاني وعلي الخامنئي ومحمد رضا الكلبايكاني، والشيخ مكارم الشيرازي.

أمـاكن التواجد:

 طغى المذهب الإخباري في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري والقرن الثاني عشر الهجري في غالب الحوزات العلمية الاثني عشرية، ثم ما لبث أن انحسر منذ بداية القرن الثالث عشر الهجري، لشدة الهجمة المضادة من قبل الأصوليين. وبعد الثورة الخمينية حسم الصراع- تقريبًا- داخل المذهب الاثني عشري لصالح الأصوليين؛ حيث صارت لهم السلطة والغلبة، ودان بمشربهم السواد الأعظم من الشيعة الاثني عشرية، وغالب الحوزات العلمية الشيعية على مذهب الأصوليين، وانحسر الأخباريون ولم يعد لهم تواجد في كثير من البلاد باستثناء بعض الأماكن، لعل أشهرها البحرين ممثلين بمدرسة آل عصفور.

وتوجد فرق أخرى، أشهرها: الشيخية[5]: نسبة إلى الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي البحراني (1166 هـ-1243هـ)، ومن أهم أفكارهم:

1-   أن الله تجلى في علي وفي أولاده الأحد عشر.

2-  أن الأئمة هم العلة المؤثرة في وجود المخلوقات.

3-  إنكار البعث الجسماني.

وتتواجد الشيخية في إيران والعراق؛ في تبريز وكرمان والبصرة، وغيرها، كما يوجد منهم أقلية في الكويت والأحساء.

 

[1] انظر: أعيان الشيعة، لمحسن الأمين (3/ 222)؛ الشيعة والتشيع- فرق وتاريخ ص320، وما بعدها؛ أصول مذهب الشيعة (1/115، وما بعدها)؛ الصراع بين الأخباريين والأصوليين داخل المذهب الشيعي الاثني عشري، للدكتور أحمد قوشتي ص228، وما بعدها.

[2] انظر: أعيان الشيعة، لمحسن الأمين (3/ 222)؛ الشيعة والتشيع- فرق وتاريخ ص320، وما بعدها؛ أصول مذهب الشيعة (1/115، وما بعدها)؛ الصراع بين الأخباريين والأصوليين ص231.

[3] يذكر أحمد الكاتب أن الاجتهاد كان محرمًا في الفكر الإمامي الذي كان يحصر العمليات التشريعية الجديدة في الأئمة المعصومين، ولذا فقد كانت المدرسة الإمامية القديمة إخبارية تحرم الاجتهاد خارج النصوص، وظلت هكذا إلى فترة طويلة بعد الغيبة إلى أواسط القرن الرابع الهجري. انظر: تطور الفكر السياسي الشيعي ص325.

[4]  إنما يقولون به خداعًا لأهل السنة؛ لأنهم في حقيقة الأمر لا يرون الإجماع صحيحًا إلا بمشاركة المعصوم، وبدون معصومهم لا حجة في الإجماع، وسيأتي بيان هذا في موضع لاحق. 

[5] انظر: مختصر التحفة الاثني عشرية ص22؛ الشيخية نشأتها وتطورها ومصادر دراستها، محمد حسن آل الطالقاني، مكتبة المعارف النجف/العراق – 1424ه؛ الشيعة والتشيع- فرق وتاريخ ص309؛ الأعلام للزركلي (5/ 215).