من أبرز القضايا التي تظهر التناقض في الفكر الإمامي مسألة ربط بلاءات الأنبياء بتركهم أو توقفهم عن ولاية علي وأهل البيت. فقد أورد ابن شهر آشوب في المناقب رواية غريبة نقلها المجلسي في بحار الأنوار، مفادها أن النبي يونس عليه السلام إنما لقي ما لقي في بطن الحوت لأنه توقف عن قبول ولاية علي بن أبي طالب، حتى أُمر الحوت بابتلاعه أربعين يومًا، فلما قبل الولاية أخرجه الله من الظلمات. بل توسع الخبر ليشمل جميع الأنبياء عليهم السلام، حيث نسب ما أصاب آدم من المعصية، ونوح من الغرق، وإبراهيم من النار، ويوسف من الجب، وأيوب من البلاء، وداود من الخطيئة إلى عدم قبولهم للولاية في بداية الأمر. هذه الروايات تضع علامات استفهام كبيرة حول العقيدة الإمامية، ومدى انسجامها مع أصول الدين الإسلامي، الذي جعل الأنبياء قدوة للبشر في طاعة الله وتبليغ رسالاته، لا في ربط مقاديرهم بقبول أو رفض ولاية شخص لم يولد بعد في عصورهم 

31 - المناقب لا بن شهر آشوب:

 في حديث أبي حمزة الثمالي أنه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدين عليه السلام وقال: يا ابن الحسين أنت تقول: إن يونس بن متى إنما لقي من الحوت ما لقي لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ فقال: بلى ثكلتك أمك، قال: فأرني آية ذلك إن كنت من الصادقين، فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر: يا سيدي دمي في رقبتك، الله الله في نفسي، فقال: هيه وأريه إن كنت من الصادقين، ثم قال: يا أيتها الحوت، قال: فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول: لبيك لبيْك يا ولي الله، فقال: من أنت ؟ قال: أنا حوت يونس يا سيدي، قال: أنبئنا بالخبر، قال: يا سيدي إن الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمد صلى الله عليه واله وسلم إلا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتمنع في حملها لقي ما لقي آدم من المعصية، وما لقي نوح من الغرق، وما لقي إبراهيم من النار، وما لقي يوسف من الجب، وما لقي أيوب من البلاء، وما لقي داود من الخطيئة، إلى أن بعث الله يونس فأوحى الله إليه: أن يا يونس تول أمير المؤمنين عليا عليه السلام والأئمة الراشدين من صلبه - في كلام له - قال: فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه؟ وذهب مغتاظا، فأوحى الله إلى: أن التقمي يونس ولا توهني له عظما، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث ينادي ﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ قد قبلت ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة الراشدين من ولده، فلما أن آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر، فقال زين العابدين عليه السلام: ارجع أيها الحوت إلى وكرك واستوى الماء. 

 

أقول: قد مر شرح الخبر وتأويله في معجزات علي بن الحسين عليه السلام وباب أحوال يونس عليه السلام.

بحار الأنوار للمجلسي الجزء 61 ص52 - 53

جميع الأنبياء الذين ذكروا:

 آدم ونوح وإبراهيم وداود ونوح وأيوب ويوسف عليهم السلام كل هؤلاء إنما لقوا ما لقوا بسبب تمنعهم عن قبول الولاية.