من المسائل العقدية التي كثر فيها الجدل بين الفرق الإسلامية مسألة المهدي المنتظر، الذي وردت في شأنه أحاديث كثيرة في الصحاح والسنن والمسانيد، حتى نص جمع من أهل العلم على تواترها.

غير أن بعض المعترضين يستدلون بحديث يُروى بلفظ: «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» في محاولة لنفي هذه العقيدة، وحصر الأمر في نزول عيسى عليه السلام فقط.

وقد أخرجه الحاكم في المستدرك (4/488)، من طريق عيسى بن زيد عن يونس بن عبد الأعلى، عن الشافعي، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه. غير أن هذا الإسناد لا يثبت، إذ إن محمد بن خالد الجندي مجهول الحال، بل عده الذهبي منكراً للحديث، كما أن أبان بن أبي عياش متروك، وروايته عن الحسن مرسلة ومنقطعة.

ولذلك قال البيهقي في الاعتقاد والبعث والنشور:

"الأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح ألبتة إسناداً"، وقال القرطبي: "غير صحيح". بل حكم الذهبي على هذا الحديث بأنه "منكر جداً".

 

إن خطورة هذا الحديث تكمن في أن بعض المخالفين يستندون إليه لنفي عقيدة ثابتة بأحاديث أصح وأقوى، بل بلغت حد التواتر.

والقاعدة عند أهل الحديث أنه إذا تعارض الضعيف مع الصحيح، قدم الصحيح، بل يُطرح الضعيف ولا يلتفت إليه. وعليه، فإن هذا الحديث ساقط الاحتجاج، ولا يصلح أن يكون معارضاً لعشرات الروايات الصحيحة التي تثبت خروج المهدي من أهل بيت النبي ﷺ.

لا مهدي إلا عيسى بن مريم:

حدثنا عيسى بن زيد بن عيسى بن عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي ثنا محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه أنبأ محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزداد الأمر إلا شدة ولا الدين إلا إدبارا ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم».

رواه الحاكم في (المستدرك4/488). ولا يصح. قال البيهقي «والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح ألبتة إسنادا» (نقله عنه الحافظ في تهذيب التهذيب9/126).

قال القرطبي «غير صحيح. قال البيهقي في كتاب البعث والنشور لأن راويه محمد بن خالد الجندي وهو مجهول يروى عن أبان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبي r وهو منقطع والأحاديث التي قبله في التنصيص على خروج المهدي وفيها بيان كون المهدي من عترة رسول الله r أصح إسنادا» (تفسير القرطبي8/122).

قلت: بل محمد بن خالد الجندي منكر الحديث كما أفاد الحافظ الذهبي (ميزان الاعتدال6/132). ووصف الذهبي الرواية بأنها منكرة جدا (ميزان الاعتدال7/317).