من المعلوم أن الشيعة الإمامية الاثني عشرية قد جعلوا من الطعن في صحيح البخاري هوايةً قديمةً متجددة، يسعون من خلالها إلى التشكيك في أصحِّ كتابٍ بعد كتاب الله تعالى. ولكنّ الحقيقة التي يغفلون عنها أو يتغافلون عنها، أن كتبهم وعلى رأسها الكافي للكليني، تعجّ بأمثال ما يطعنون به، بل بما هو أعظم من ذلك بكثير.

ومن المؤسف أن الرافضة ليسوا من فرق المسلمين، وإنما هم فرقة ضالّة خرجت عن سبيل أهل الإسلام، تؤمن بتحريف القرآن وتطعن في الصحابة وتضع الأحاديث لتأييد أئمتها.
وفي هذا المقال نعرض شبهة من شبهاتهم حول "البخاري يروي عن نفسه" ونفنّدها تفصيلاً، ثم نقارنها بما في كتبهم، ليظهر للقارئ المنصف كيف يتناقض القوم، وكيف أنهم أولى بهذا الطعن من غيرهم.

نص الشبهة:

البخاري يروي عن نفسه:

قال الرافضة في منتدى هجر تحت عنوان (البخاري يروي عن نفسه):

« ذكر البخاري في صحيحه 1/47 في كتاب العلم، باب (6) باب ما جاء في العلم، وقوله تعالى (وقل رب زدني علما) ما يلي: حدثنا محمد بن سلام، حدثنا محمد بن الحسن الواسطي، عن عوف، عن الحسن قال: لا بأس بالقراءة على العالم، وأخبرنا محمد بن يوسف الفربري (تلميذ البخاري) وحدثنا محمد بن إسماعيل البخاري (هو البخاري نفسه صاحب الصحيح قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن سفيان، قال: إذا قرئ على المحدث فلا بأس أن تقول: حدثني. قال: وسمعت أبا عاصم يقول عن مالك وسفيان: القراءة على العالم وقراءته سواء».

قالوا « لا شك أن هذا يكشف عن أن نسخة صحيح البخاري قد عُبث بها، وهي مروية عن شخص مجهول لا نعرفه، وهذا يسقط صحيح البخاري بكامله عن الحجية» (هذا الكلام مأخوذ من موقع هجر الرافضي).

🔸 الرد على الشبهة:

وقبل الجواب عن هذا الإشكال أود أن أقدم هدية للشيعة تلزمهم ببطلان كتابهم الكافي من نفس القاعدة التي حكم بها على البخاري:

والآن إلى المفاجأة:

أولا: الكليني يروي عن نفسه في «الكافي»!

يقول الكليني الذي هو أبو جعفر محمد بن يعقوب ما يلي:

1-    « أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ ابي جعفر (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ لَمَّا خَلَقَ الله الْعَقْلَ اسْتَنْطَقَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ وَعِزَّتِي وَجَلالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ وَلا أَكْمَلْتُكَ إِلا فِيمَنْ أُحِبُّ أَمَا إِنِّي إِيَّاكَ آمُرُ وَإِيَّاكَ أَنْهَى وَإِيَّاكَ أُعَاقِبُ وَإِيَّاكَ أُثِيبُ» (الكافي1/10).

وإليكم رواية أخرى:

2-   "أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في كتاب علي عليه السلام في قول الله عز وجل:{وما علمتم من الجوارح مكلبين} قال: هي الكلاب» (الكافي6/202).

فكيف يقول الكليني: أخبرنا الكليني؟ بل كيف يكون في الرواية الثانية راو بينه وبين نفسه؟

وهل قولكم في سقوط مصداقية البخاري يشمل غيره ممن له نفس الوضع كالكليني أم قاعدتكم تتغير باختلاف الكتاب والكاتب؟

ثانيا: تناقض الشيعة في الحكم

قال الغفاري في تعليقه على الكافي «إن قائل [أخبرنا] هو أحد رواة الكافي كالنعماني أو الصفواني أو غيرهما ويحتمل أن يكون القائل هو المصنف رضوان الله عليه كما هو دأب القدماء» (الكافي1/10 الحاشية).

التعليق: ولكن لا يمكن ان تكون هذه بعادة فإن الكليني لم يفعل ذلك في أي رواية أخرى فكيف تكون هذه عادة القدماء؟

ثالثا: حقيقة الإسناد في رواية البخاري

أما بالنسبة لما ورد في البخاري فمعلوم أنه قد روي من عدة طرق:

منها: طريق الفربري، محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفَرَبْرِيُّ المتوفي سنة 320 هـ.وكذلك النسفي والمحاملي.

فالفربري هو القائل حدثنا محمد بن اسماعيل البخاري. وقد تكون زيادة منه كتبها في نسخته حيث كان يقرأ عن البخاري.

 رابعا: الرد النهائي والتحدي

بناءً على قاعدتكم الباطلة، إن قلتم: "وقوع رواية الشخص عن نفسه دليل على سقوط الكتاب"، فكتابكم الكافي أولى بالسقوط من صحيح البخاري.

وإن قلتم: "قد يكون ذلك من الرواة بعد المصنف"، فالجواب نفسه نقوله في البخاري.
فلم يبقَ إلا التناقض والتعصب الأعمى.

ثم ألا يكفيكم أن مصادركم ككتاب الكافي مملوءة بالتصريح بإثبات وقوع التحريف في القرآن، وقد عجزتم عن تصحيح رواية واحدة فيه، ثم تأتون بشبهاتكم ضد كتاب جمع الأحاديث النبوية الصحيحة.

ثم إن من العجيب أن من يطعن في أصح كتاب بعد القرآن، يكون كتابه مليئًا بالروايات التي تثبت تحريف القرآن الكريم، ولم يستطيعوا إلى يومنا هذا تصحيح رواية واحدة فيه، ومع ذلك يتجرؤون على أعظم أئمة الإسلام!