المقدم:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم في هذه المناظرة المباشرة التي نناقش فيها عقيدة الولاية التكوينية لأئمة أهل البيت عند الشيعة الاثني عشرية. هل هي شرك بالله؟ أم كرامة ربانية؟ معنا الشيخ فراج الصهيبي من أهل السنة، والشيخ حسين العقابي من الشيعة الإمامية. كل طرف له خمس دقائق في كل مداخلة.

الشيخ فراج الصهيبي يفتتح المناظرة:

السؤال الأول: ما المقصود بالولاية التكوينية؟ وهل هي من الشرك الأكبر؟

بسم الله الرحمن الرحيم، باختصار شديد، الولاية التكوينية كما يقول المرجع الشيعي صادق الروحاني هي أن "زمام أمر العالم بأيدي الأئمة، يتصرفون فيه كما شاؤوا، إعداماً أو إيجاداً، بإرادة الله".

وهذا الاعتقاد، في ميزان العقيدة الإسلامية، شرك أكبر بالله العظيم، لأن الله سبحانه هو المدبّر وحده للكون، قال تعالى:

{قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضرّاً إلا ما شاء الله}

{قل من يرزقكم من السماء والأرض قل الله}.

أن تجعل إنسانًا وإن كان نبيًا أو إمامًا يملك التصرف في الكون، يرزق، يحيي، ويميت، فهذا عين الشرك.

الشيخ حسين العقابي يرد:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. الولاية التكوينية ليست بدعة ابتدعها الشيعة من جيوبهم، بل هي مبدأ قرآني كما ورد في قصة عيسى عليه السلام:

{وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله}.

فعيسى عليه السلام مارس التصرف في الطبيعة بإذن الله، وكذلك أصف بن برخيا الذي أتى بعرش بلقيس في طرفة عين.

فإذا ثبت ذلك في حق أنبياء وأولياء، فلماذا يُستنكر إذا ثبت لأئمة أهل البيت وهم ورثة علم النبي ومصداق حديث الثقلين؟

أما الحكم، فهو جائز ما دام بإذن الله، وإنكاره هو إنكار لآيات قرآنية.

الشيخ فراج الصهيبي يتعقب:

لو كانت هذه هي عقيدتكم، أن المعجزات أو الكرامات تقع بإذن الله، لما اختلفنا.

ولكنكم تقولون:

"زمام الكون بأيديهم، يخلقون، يرزقون، يشفون، يتصرفون بكل شيء".

هذا تفويض مطلق لا تقيده مشيئة الله، وهذا هو وجه الشرك، ولهذا نُصّ في كتبكم أن الإمام "هو السبب في الوجود"، وأن "الملائكة لا تتصرف إلا بأمره"، كما قال الخوئي وغيره!

هل هذا هو "بإذن الله"؟ أم "بأمرهم هم"؟

الشيخ حسين العقابي يعقب:

كلامك فيه خلط بين الولاية في طول ولاية الله و"الربوبية المستقلة"، ونحن لا نؤمن أن للأئمة ربوبية مستقلة، بل ولايتهم مستمدة من الله.

أما ابن تيمية شيخكم فقد أقر أن عمر قال "يا سارية الجبل" وسُمِع في بلاد بعيدة، أليست هذه كرامة خارقة للعادة؟ إذن فحتى عندكم يوجد ما يسمى بالتصرف التكويني، فلماذا الإنكار علينا؟

الشيخ فراج الصهيبي:

فرق بين كرامة محدودة ومعجزة مربوطة بدليل نبوة، وبين سلطة مطلقة على الكون كما تقولون:

"هم واسطة الوجود، ولولاهم لما خلق الله الخلق" كما في الكافي.

بل إن جعفر الصادق لعَن من زعم أن الأئمة يرزقون ويتصرفون بالكون، وقال:

"والله ما نقدر على ضر ولا نفع، إن رحمنا فبرحمته، وإن عذبنا فبذنوبنا... نحن عبيدٌ لله".

فكيف تنسبون له ما لعنه هو بنفسه؟

الشيخ حسين العقابي:

هذا الكلام مقتطع من سياقه. جعفر الصادق لعن من غالى ونسب لهم صفات الله بلا إذنه، أما نحن فنقول إنهم يتصرفون بأمر الله وبإذنه. وهو ما لا يخرج عن دائرة التوحيد.

ثم ما الفرق بين أن يرزق الله على يد ملك، أو على يد نبي، أو على يد إمام؟ الكل وسائل، والله هو الخالق والرازق.

الشيخ فراج الصهيبي يختم:

لكنكم تقولون: "الأئمة يعلمون ما كان وما يكون، وهم واسطة الخلق، ويسمعون دعاء الملايين من أماكن مختلفة في لحظة واحدة!"

هل هذا فعل عبد؟ أم فعل رب؟!

حتى سليمان قال:

{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ مِن بَعْدِي}.
فكيف تُعطون الأئمة بعده ما لم يعطه الله لأحد؟

الشيخ حسين العقابي يختم:

لم نقل إنهم أرباب، ولم نأمر أحدًا بعبادتهم، بل قلنا ولايتهم في طول ولاية الله، وهم مظاهر القدرة الإلهية، والكرامات والمعجزات التي لهم تشهد بها النصوص عندنا وعندكم.

الحكم الموضوعي:

عقيدة الولاية التكوينية عند الشيعة الإمامية تُفهم بطريقتين:

إذا قُيّدت بإذن الله وبحدود معجزة أو كرامة، فهي لا تصل إلى الشرك.

أما إذا فُسرت بأنها تفويض مطلق بالخلق والرزق والتدبير، كما ورد في كثير من نصوص علمائهم، فإنها تصطدم بمفهوم التوحيد الربوبي، وتقع في مظنة الشرك الأكبر.

والمرجع في هذا التفصيل هو النصوص نفسها، لا التأويلات الدفاعية.