الخيانة داء قاتل، متى ما تغلغل في النفس أفسد ضميرها، وجعل صاحبه لا يُبالي بمن يخون، قريبًا كان أو بعيدًا، صديقًا أو خصمًا. والشيعة الذين أفرطوا في التظاهر بحب آل البيت –وعلى رأسهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه– هم أول من خانهم، وتخلّى عنهم وقت الشدة، فكان ولاؤهم المزعوم مجرد شعار أجوف يُستعمل لأهداف خفية، تتنافى مع صدق المحبة والولاء.
- اخترنا لك من موقع السقيفة:
خيانة الوزير الشيعي علي بن يقطين في عهد هارون الرشيد
وثيقة: كَيْفَ كَانَ مَنْزِلَةُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيكُمْ
ظلم الابتداع للذكر والصحابة وآل البيت
خيانة الشيعة لعلي بن أبي طالب
خلال فتنة صفين، حين اجتمع علي رضي الله عنه وأهل العراق لملاقاة جيش معاوية، أظهر الشيعة ضعف عزيمتهم، إذ بدأوا يتذرعون بنفاد الأسلحة وكلل السيوف ونصل الرماح، في محاولة للتملص من المواجهة، فقالوا له: "لقد نفدت نبالنا وكلّت سيوفنا ونصلت أسنّة رماحنا، فارجع بنا نستعدّ." لكن عليًا، بحكمته وبصيرته، علم أن أسلحتهم لم تكل، بل قلوبهم هي التي وهنت.
انسحبوا دون أمر، وتسللوا من معسكره، حتى خلا من جنوده، واضطر للرجوع إلى الكوفة منكسرًا، قائلًا فيهم:
"ما أنتم بثقة، ولا ركب يُصول بكم، ولا عز يُعتصم إليه، لَبِئسَ حَشَاش الحرب أنتم!"
(انظر: الطبري 5/90، الكامل لابن الأثير 3 /349)
لم يكتف شيعة الكوفة بهذا الخذلان، بل رفضوا حتى الدفاع عن مدنهم لما هاجمت جيوش الشام أطراف العراق. فعاتبهم علي قائلًا:
"كلما سمعتم بمنسر من أهل الشام انجحر كل امرئ منكم في بيته، كأنكم الضباع في وجارها... المغرور من غررتموه."
خيانة الحسن بن علي
بعد استشهاد علي رضي الله عنه، بويع الحسن بالخلافة. ورغم أنه كان يدرك خيانة الشيعة لأبيه، إلا أنهم عادوا للضغط عليه لمقاتلة معاوية، فتظاهر بالموافقة، وسار بجنده، وأرسل قيس بن عبادة على رأس اثني عشر ألفًا.
لكن ما إن شاع في الكوفة مقتل قيس –كذبًا– حتى دبّ الرعب في صفوف الجيش، وهاجموا سرادق الحسن ونهبوا متاعه، بل إن أحدهم طعنه في فخذه. أما المختار الثقفي، الذي تظاهر لاحقًا بأنه من شيعة آل البيت، فقد عرض على عمه أن يُوثق الحسن ويُسلمه لمعاوية طمعًا في الغنى والجاه! (الطبري 5/159).
الحسن رضي الله عنه قالها بمرارة:
"أرى والله أن معاوية خير لي من هؤلاء... ابتغوا قتلي، وأخذوا مالي... والله لأن أسالمه وأنا عزيز، خير من أن يقتلوني وأنا أسير."
الاحتجاج للطبرسي ص 148.
خيانة الحسين بن علي
جاءت الكارثة الكبرى في خذلانهم للحسين بن علي رضي الله عنه، حين أغرقوه بالرسائل، يطالبونه بالخروج من مكة إلى الكوفة، وادعوا أنهم بايعوه وانتظروا قدومه بفارغ الصبر.
فأرسل الحسين مسلم بن عقيل ليتأكد من صدقهم، فبايعه اثنا عشر ألفًا. لكن حين أرسل مسلم البيعة، تغيّرت الأمور، وبدأ ابن زياد يشتري الذمم، ويهدد ويفرق الصفوف، فخذلوه حتى قُتل، دون أن يتحرك شيعة الكوفة لنصرته.
وعندما قدم الحسين بنفسه، لم يجد من وعدوه إلا الخيانة، فحوصِر وقُتل في كربلاء مع سبعين من أهل بيته، وصرخ قبل موته:
"اللهم احكم بيننا وبين قومٍ دعونا لينصرونا فقتلونا."
الطبري 5/389، الإرشاد للطبرسي ص 241.
التشيع في بداياته: حب أم خداع؟
من الإنصاف أن نذكر أن التشيع في بداياته كان محصورًا في مجرد حب آل البيت، دون تأصيل عقدي يشتمل على التقية والرجعة والبداء وغيرها من الانحرافات. وكان من شيعتهم في ذلك الوقت فضلاء من الصحابة، لا يجوز وصفهم بالخيانة.
لكن مع مرور الزمن، تسللت عناصر خبيثة –مجوسية ويهودية– بقيادة عبد الله بن سبأ وأضرابه، فحولوا التشيع إلى مشروع هدام يعمل على تقويض الإسلام من داخله، متسترًا بحب آل البيت.
ولعل من أبرز الدراسات التي كشفت هذا الوجه القبيح، كتاب "وجاء دور المجوس" للباحث عبد الله محمد الغريب، الذي أثبت بالأدلة كيف أن التشيع الإمامي ما هو إلا امتداد لعقائد مزدكية ومانوية.
خيانتهم المتواصلة عبر التاريخ
ما فعله شيعة الكوفة بالأمس، تكرر على يد قرامطة، وإسماعيلية، وباطنية، وبويهيين، وصفويين، وحوثيين اليوم. لم يتوقف غدرهم يومًا، ولم تكن خيانتهم فقط لأهل السنة، بل حتى لأئمتهم الذين زعموا حبهم.
فهل نُؤمَن جانبهم؟! وهل يُمكن الوثوق في من خانوا آل البيت أنفسهم؟!
خاتمة:
الحب الصادق لآل البيت لا يكون بالخرافات ولا بالطعن في الصحابة، بل باتباع هدي النبي وآله، وموالاة من والوه. أما من يتستر بشعار المحبة ويغدر بأقرب الناس إليه، فذاك الخائن بعينه، الذي كشفه التاريخ وفضحته الوقائع، وأبان عوار دعواه.