ما حقيقة وجود ابن لفاطمة الزهراء اسمه "محسن"؟
يدّعي بعض الشيعة أن لفاطمة الزهراء بنت النبي ﷺ ابنًا ثالثًا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه اسمه محسن، ويزعمون أنه مات صغيرًا – أو أُسقط جنينًا – في رواياتهم المكذوبة. ويستند بعضهم في ذلك إلى رواية وردت في عدة مصادر، أشهرها عند الإمام أحمد والحاكم والبيهقي وغيرهم.
- الأكثر قراءه في السقيفة:
زعم الشيعة زواج عمر من عاتكة دون رضاها
افتراء الشيعة: موافقات عمر تشبه النبوة!
شبهة رفض النبي تزويج فاطمة لأبي بكر وعمر
نص الرواية المثارة حول تسمية "محسن":
ما حقيقة وجود ابن لفاطمة الزهراء اسمه "محسن"؟
يدّعي بعض الشيعة أن لفاطمة الزهراء بنت النبي ﷺ ابنًا ثالثًا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه اسمه محسن، ويزعمون أنه مات صغيرًا – أو أُسقط جنينًا – في رواياتهم المكذوبة. ويستند بعضهم في ذلك إلى رواية وردت في عدة مصادر، أشهرها عند الإمام أحمد والحاكم والبيهقي وغيرهم.
- الأكثر قراءه في السقيفة:
زعم الشيعة زواج عمر من عاتكة دون رضاها
افتراء الشيعة: موافقات عمر تشبه النبوة!
شبهة رفض النبي تزويج فاطمة لأبي بكر وعمر
فما حقيقة هذه الرواية؟ وهل ثبت أصلها؟ وهل تصح نسبة ابن اسمه "محسن" إلى علي وفاطمة رضي الله عنهما؟ هذا ما نناقشه في هذا المقال.
نص الرواية المثارة حول تسمية "محسن":
رُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
«... فلما ولد الثالث سميته حربًا، فجاء النبي ﷺ فقال: أروني ابني، ما سميتموه؟ قلت: حربًا، قال: بل هو محسن. ثم قال: سميتهم بأسماء ولد هارون: شبر وشبير ومشبر».
رواها أحمد في "المسند" (2/236)، والحاكم في "المستدرك" (3/165)، والبزار، والطبراني، والبيهقي، وغيرهم، وجاءت من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانيء بن هانيء عن علي رضي الله عنه.
علل الحديث وضعفه عند أهل العلم:
أولاً: مدار الحديث على سلسلة ضعيفة
السند الذي دارت عليه الروايات كلها هو:
أبو إسحاق السبيعي عن هانيء بن هانيء عن علي.
وقد أُعل الحديث من جهتين أساسيتين:
ضعف هانيء بن هانيء:
• قال الحافظ ابن حجر في التقريب:
"مستور".
• وقال ابن سعد:
"كان يتشيع"،
• وقال الشافعي:
"هانيء بن هاني لا يُعرف".
• وقال الإمام ابن المديني:
"مجهول".
وبهذا فإن هانيء بن هانيء راوٍ مجهول الحال، ولم يوثقه معتبر، ومنهج أهل الحديث عدم قبول رواية المجهول الذي لم يرو عنه إلا واحد، لا سيما في المسائل الخلافية.
تدليس أبي إسحاق واختلاطه:
أبو إسحاق السبيعي من الثقات الكبار، إلا أنه كان يدلس، وقد اختلط في آخر عمره. وممن صرّح باختلاطه الإمام أحمد، وقد قال الإمام الذهبي:
"اختلط في آخر عمره ولم يتميز حديث من سمع منه قبل الاختلاط ممن سمع بعده".
وهو في هذه الرواية لم يصرّح بالسماع من هانيء، مما يزيد من احتمال الانقطاع، ويدخل الحديث في دائرة "المدلس المعنعن" من مختلط.
وقد أشار الإمام الألباني إلى هذا في مواضع منها "السلسلة الضعيفة" (رقم 3706) و"ضعيف الأدب المفرد"، وضعّف الحديث بسبب الجهالة والتدليس.
روايات أخرى متعلقة بالتسمية منقطعة أو مرسلة:
رواية الأعمش عن سالم:
رواها ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/513):
قال سالم: إني سميت ابني هذين باسم ابني هارون: شبر وشبير.
وهذه مرسلة، لأن سالم لم يدرك عليًا رضي الله عنه.
رواية الأعمش عن سالم عن علي:
رواها الطبراني في "الكبير" (3/162):
قال علي: سميت ابني هذين باسم ابني هارون.
وهي منقطعة بين سالم وعلي.
رواية سلمان الفارسي:
رواها الطبراني عن سلمان قال: قال رسول الله ﷺ:
"سميتهما - يعني الحسن والحسين - باسم ابني هارون شبر وشبير".
لكن فيها برذعة بن عبد الرحمن، وهو ضعيف جدًا كما قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/52).
خلاصة التحقيق في الرواية:
رغم أن بعض المحدّثين كالحاكم صحح الرواية، إلا أن التحقيق الدقيق لأسانيدها يُظهر:
1- أن الرواية مدارها على راوٍ مجهول (هانيء بن هانيء).
2- أن أبا إسحاق السبيعي مدلس ومختلط، ولم يصرح بالسماع.
3- أن الروايات الأخرى إما مرسلة أو منقطعة أو فيها ضعفاء.
وعليه، فإن رواية تسمية "محسن" ضعيفة الإسناد لا تقوم بها حجة شرعية.
الرد على شبهة الشيعة حول "محسن" بن علي:
يزعم بعض الشيعة أن فاطمة رضي الله عنها أنجبت ولدًا اسمه "محسن"، وتوفي أو أُسقط في حادثة الباب المزعومة، ويجعلون من ذلك مدخلًا للطعن في الصحابة.
لكن هذه الرواية ليس لها سند صحيح، بل مبنية على أحاديث واهية أو موضوعة أو روايات سريّة لا يقبلها النقد الحديثي.
بل لم تذكر كتب السنة المعتمدة – كالبخاري ومسلم وأصحاب السنن – شيئًا عن ابن ثالث لفاطمة الزهراء سوى الحسن والحسين رضي الله عنهما.
الخلاصة:
♦ رواية تسمية محسن ضعيفة، ومبنية على سند غير صحيح.
♦ هانيء بن هانيء مجهول الحال، وأبو إسحاق مدلس ولم يصرح بالسماع.
♦ الروايات الأخرى حول التسمية مرسلة أو فيها علل خطيرة.
♦ لا يصح بناء اعتقاد أو شبهة على رواية ضعيفة لم تثبت عن النبي ﷺ.
♦ دعوى الشيعة حول إسقاط محسن باطلة شرعًا وتاريخًا ولا أصل لها في الكتب المعتمدة.
المصادر:
• المسند لأحمد.
• المستدرك للحاكم.
• الأدب المفرد للبخاري.
• السنن الكبرى للبيهقي.
• مجمع الزوائد للهيثمي.
• تهذيب التهذيب لابن حجر.
• السلسلة الضعيفة للألباني.