مقدمة:

ظهرت بعض الروايات الشيعية التي تزعم أن شهربانو، ابنة كسرى، أُسرت في زمن خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتم تقديمها إلى المدينة حيث تزوجها الحسين بن علي، فأنجبت له علي بن الحسين السجاد. ويهدف هذا الزعم إلى تجاوز الإشكال الزمني بين الأسر المزعوم والولادة، كما ورد في روايات مثل الكافي.

 

مصدر الزعم: نصر بن مزاحم

أول من تبنّى هذه المزاعم هو نصر بن مزاحم (ت 212هـ)، والذي روى في كتابه "وقعة صفين" أن خليد بن كاس، أحد قادة علي، أُرسل إلى نيسابور فحاصرها، وأسر بنات كسرى وأرسل بهن إلى علي بن أبي طالب، وطلبت الفارسيات الزواج من أبنائه فرفض، وسلمهن إلى رجل يدعى نرسا.

 

التناقض في عدد البنات

بينما تقول رواية نصر إن خليد أسر ابنتين، جاء في "مستدركات علم رجال الحديث" لعلي النمازي أن بنتًا واحدة فقط أُسرت. وهذا التناقض يدعو للتشكيك في أصل القصة.

 

الملاحظات السندية:

رواية نصر لا يُعتد بها عند علماء السنة والشيعة، فقد قال عنه:

النجاشي: يروي عن الضعفاء.

التفرشي: نفس الرأي.

ابن داوود الحلي: مستقيم لكنه يروي عن الضعفاء.

الخوئي: لا يُوثق.

الذهبي: رافضي تركوه.

ابن الجوزي: غالٍ في الرفض يروي مناكير.

ابن حجر: متروك الحديث.

 

الملاحظات المتنية:

1- الرواية لم تذكر اسمَي الابنتين.

2- الرواية تدعي أن الابنتين رفضتا الزواج إلا من الحسن والحسين، وعليّ رفض.

3- يزدجرد مات سنة 31هـ، بينما الخلافة لعلي كانت بعد سنة 35هـ، فأين كانت بناته طوال هذه الفترة؟

4- كيف بقي لعمال كسرى سلطان على كابل بعد زوال دولته؟

5- لماذا رفض علي مصاهرة كسرى مع أنها ستكون شرفًا دنيويًا؟

 

رواية المفيد:

المفيد (ت 413هـ) أعاد صياغة الرواية بزعم أن حريث بن جابر وُلّي من قبل علي ناحية المشرق، وأرسل إليه بنتي يزدجرد، فنحل إحداهن للحسين، والثانية لمحمد بن أبي بكر.

 

نقد الرواية:

المفيد لم يذكر سندًا.

عاش في عصر الدولة البويهية، المتأثرة بالمجوسية.

اعتمد على روايات تصادم الواقع التاريخي.

 

الملاحظات على متن رواية المفيد:

1-  حريث لم يكن واليًا على خراسان.

2-  الشيعة أنفسهم شككوا في ولايته.

3-  مؤرخو الشيعة كاليعقوبي قالوا إن جعدة بن هبيرة هو من وُلّي خراسان.

4-  لم تُذكر معركة أو أسر في زمن علي.

 

خلاصة:

الروايات التي تزعم أسر شهربانو في زمن علي بن أبي طالب لا تصمد أمام التحقيق العلمي، لا سندًا ولا متناً. ويبدو أن الهدف منها تأصيل بُعد فارسي داخل النسب العلوي، وهي محاولة لطمس الأبعاد العربية والإسلامية الصافية لهذا النسب الشريف.

 

خاتمة:

يثبت التحليل التاريخي والرجالي أن مزاعم أسر شهربانو في خلافة علي بن أبي طالب هي محض أساطير ركبتها بعض التيارات الشيعية لإضفاء البُعد المجوسي والفارسي على بيت النبوة. والرد العلمي على هذه المزاعم يكشف عن حجم التزوير التاريخي الذي شاب بعض الروايات الشيعية.