مقدمة:
من ثوابت العقيدة عند أهل السنة والجماعة أن أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم كلهم عدول، وهذا من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، ودلت عليه نصوص قطعية من الكتاب والسنة، كما أجمع عليه سلف الأمة.
أولًا: عدالة الصحابة في القرآن الكريم:
أثنى الله سبحانه وتعالى على الصحابة في مواضع متعددة من القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى:
✦قوله: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} [الفتح: 18].
✦ قال ابن حزم: "لا يحل لأحد أن يشك فيهم بعد إذ رضي الله عنهم".
✦ قوله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم.}. [الفتح: 29].
✦ قال ابن الجوزي: هذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور.
✦ قوله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار... رضي الله عنهم ورضوا عنه...} [التوبة: 100].
✦ قوله تعالى: {وكلا وعد الله الحسنى} [الحديد: 10].
✦ قال ابن حزم: هذا نص في أن جميع الصحابة من أهل الجنة.
✦ قوله: {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى} [النمل: 59] ، قال السدي وسفيان: هم أصحاب محمد.
ثانيًا: عدالة الصحابة في السنة النبوية:
جاءت السنة النبوية بتقرير فضل الصحابة وعدالتهم، ومن ذلك:
✦ قوله صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم..." [رواه البخاري ومسلم].
✦ قوله: "لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا، ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه" [البخاري ومسلم].
✦ "من سب أصحابي، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" [الطبراني - صحيح].
✦ "الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضًا بعدي" [الترمذي - صحيح المعنى].
ثالثًا: حكم سب الصحابة:
يتفاوت الحكم حسب نوع السب:
✦ إن كان سبًّا عامًا وطعنًا في الدين والعدالة لجميع الصحابة أو جلهم: فهو كفر بإجماع أهل العلم.
✦ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من زعم أنهم ارتدوا إلا نفرًا قليلًا، فهذا كافر قطعًا".
✦ سبُّ فرد من الصحابة مع تواتر فضله، كأبي بكر أو عمر: كفر أيضًا؛ لتكذيبه لنصوص قطعية.
✦ قال سحنون: من قال عن أبي بكر أو عمر إنهما على ضلال: كفر وقُتل.
✦ السب بما لا يقدح في الدين كاتهامهم بالبخل أو ضعف الرأي: لا يكفر به صاحبه، لكنه يُؤدب ويُعزر.
أقوال أهل العلم في حكم سب الصحابة:
✦ الإمام أحمد: "من سب الصحابة أو أحدًا منهم، فهو مبتدع رافضي، لا يُقبل منه صرف ولا عدل".
✦ الإمام مالك: "من سب أبا بكر أو عمر يُقتل، ومن سب عائشة قُتل لمخالفته القرآن".
✦ الذهبي: "من طعن في الصحابة فقد خرج من الدين ومرق من ملة المسلمين".
✦ أبو زرعة الرازي: "من ينتقص أحدًا من الصحابة فهو زنديق، يريد إسقاط الشهود ليُبطل الكتاب والسنة".
✦ النووي: "سب الصحابة من فواحش المحرمات، ومذهب الجمهور أنه يُعزر".
خاتمة:
الصحابة رضي الله عنهم هم نقلة الشريعة، ورجال البلاء والجهاد، الذين بلغوا هذا الدين، وحفظوا السنة، فالإساءة إليهم طعنٌ في الدين نفسه. فحفظ مكانتهم واجب شرعي، ومن سبّهم أو طعن في عدالتهم فهو على خطر عظيم، وتُنظر حاله بحسب نوع السب ومقصده. ويبقى حب الصحابة والدفاع عنهم من شعائر الإيمان.
المراجع والمصادر:
✦ القرآن الكريم.
✦ صحيح البخاري.
✦ صحيح مسلم.
✦ مسند أحمد.
✦ الصارم المسلول - شيخ الإسلام ابن تيمية.
✦ الفصل في الملل والنحل - ابن حزم.
✦ تفسير ابن كثير.
✦ الصواعق المحرقة - ابن حجر الهيتمي.
✦ فتح الباري - ابن حجر العسقلاني.
✦ شرح النووي على مسلم.
✦ اعتقاد أهل السنة في الصحابة - د. محمد الوهيبي.