الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، وله الحمد في الآخرة، وهو الحكيم الخبير. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.

من المؤسف أن نرى في زماننا هذا من يطعن في خيار هذه الأمة وصفوتها، وعلى رأسهم الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، ذي النورين وصاحب البيعتين، ثالث الخلفاء المهديين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة.

أولًا: فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه

وردت أحاديث صحيحة متواترة تثبت منزلة عثمان ومكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند الأمة، ومنها:

1- حياء الملائكة منه: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة" (رواه مسلم).

2- مبشر بالشهادة: قال النبي عن جبل أُحد: "اثبت أُحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان" (رواه البخاري).

3- الإنفاق في جيش العسرة: جاء بألف دينار، فقال النبي: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم" (رواه الترمذي).

4- شراء بئر رومة للمسلمين: تملّكها وجعلها وقفًا للناس.

5- في زمن النبي كنا نعدّله بعد أبي بكر وعمر (رواه البخاري).

ثانيًا: تفنيد أبرز الشبهات حول عثمان بن عفان:

الشبهة الأولى: تولية الأقارب والمحاباة

الرد:

ولاهم النبي قبله كما في ولايته لعتّاب بن أسيد وأبان بن سعيد وغيرهم من بني أمية.

ولاهم أبو بكر وعمر كذلك.

لا دليل على أنهم كانوا فاسدين، ومن ظهر فساده عُزل.

المصدر: ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (ج6، ص192-193).

 

الشبهة الثانية: تولية من لا يستحق، كـ الوليد بن عقبة

الرد:

الوليد وُلي في عهد النبي نفسه.

وُلي بعد التوبة.

لما شرب الخمر أُقيم عليه الحد علنًا بحضور الصحابة (رواه مسلم).

 

الشبهة الثالثة: قصة مروان وكتاب القتل

الرد:

عثمان أنكر صدور الكتاب منه.

الحلف منه يغني عن بيّنة، وهو الصادق.

لا يجوز الفتنة والقتل بسبب شبهة مزعومة.

المصدر: منهاج السنة (ج6، ص244).

 

الشبهة الرابعة: طرد أبي ذر إلى الرَّبَذَة

الرد:

أبو ذر ذهب باختياره.

روى البخاري أن عثمان خيّره بين البقاء أو الاعتزال.

لم يكن هناك طرد ولا نفي.

المصادر: صحيح البخاري، تاريخ المدينة لابن شبة.

الشبهة الخامسة: عدم القصاص من عبيد الله بن عمر

الرد:

عبيد الله كان متأولًا، ومثل هذا يُدرأ عنه القصاص.

لم يثبت أن الهرمزان كان له أولياء يطالبون بالقصاص.

لم يكن قتل عبيد الله أمرًا مجمعًا عليه.

المصدر: منهاج السنة (ج6، ص276).

الشبهة السادسة: زيادة الأذان الثاني يوم الجمعة

الرد:

من سنة الخلفاء الراشدين.

فعله عثمان لمصلحة، ووافقه الصحابة.

لم يبطله علي رضي الله عنه لما تولى الخلافة.

المصدر: سنن أبي داود، منهاج السنة (ج6، ص290).

خلاصة

كل الطعون التي وُجهت إلى عثمان رضي الله عنه إما باطلة، أو مبنية على اجتهاد سائغ، أو مصدرها روايات ضعيفة. ويكفيه فخرًا أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة، وزوجه بنتيه، وأثنى عليه في أكثر من موضع.

ومن تمام حب الصحابة أن ننزِّه أسماعنا عن أقاويل الكذب، وأن نعرف للصحابة فضلهم وسابقتهم، قال الله تعالى:

{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10].

المراجع:

♣ صحيح البخاري

 صحيح مسلم

سنن الترمذي

سنن أبي داود

منهاج السنة النبوية، ابن تيمية

البداية والنهاية، ابن كثير

تاريخ المدينة، ابن شبة

عثمان بن عفان، د. علي محمد الصلابي