مقدمة:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 أما بعد:

فقد تكررت التساؤلات حول مذهب الدروز وحقيقته، وسبب ظهوره، ومدى قربه أو بعده عن الإسلام، وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بيانًا رسميًا هامًا يكشف حقيقة هذا المذهب ويبيّن ضلاله وخطره، مستندة إلى وقائع تاريخية وتحقيقات علمية موثقة، نضعها بين أيديكم في هذا المقال الموسّع، مع ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية والعلماء المحققون في ذلك.

أولًا: تعريف عام بمذهب الدروز وأصلهم العقائدي

ينحدر الدروز من إحدى أخطر الفرق الباطنية التي نشأت من رحم القرامطة، وهي فرقة تتسم بالسرية والغموض، وتتخذ من التقيّة والتلون أسلوبًا للوصول إلى غاياتها.
يُظهر أتباع هذا المذهب الورع والتدين الكاذب، ويوهمون الناس بأنهم من أهل الصلاح، ويُظهرون الولاء لآل البيت، لكنهم في باطن أمرهم على عقائد باطنية كفرية، تتضمن حلول الإله في البشر، وإنكار اليوم الآخر، وتأليه الحاكم العبيدي.

أصل التسمية يعود إلى شخصية يُدعى أبو عبدالله محمد بن إسماعيل الدرزي، أحد المتحمسين لدعوة تأليه الحاكم بأمر الله، وقد كان أولًا من أتباع الفرقة الإسماعيلية ثم انشق عنهم، وانحاز إلى الحاكم العبيدي، وبدأ ينشر عقيدة التأليه في مصر والشام، فلما رفضه الناس في مصر، فر إلى الشام وبث دعوته في جبل عامل ووادي التيم، وهي المنطقة التي أصبحت تُعرف لاحقًا بـ"جبل الدروز".

ثانيًا: أبرز معتقدات الدروز الباطنية

1- الحلول والتجسيد

يؤمنون بأن الله -تعالى الله عما يقولون- قد حل في الإمام علي رضي الله عنه، ثم تنقلت الألوهية في ذريته حتى بلغت الحاكم العبيدي، ويؤمنون أن الحاكم لم يمت، بل غاب وسيرجع آخر الزمان.

2- التقية والكتمان

يُخفون معتقداتهم عن غير أتباعهم، ولا يُظهرون باطن مذهبهم إلا لمن وثقوا به، ويُظهرون التشيع حبًا لآل البيت وسيلة لجذب الناس.

3- عصمة الأئمة

يرون أن أئمتهم معصومون من الخطأ، بل رفعوهم إلى مقام الألوهية، خاصة الحاكم العبيدي.

4- علم الباطن وتحريف الشريعة

يزعمون أن لنصوص القرآن والسنة معاني باطنة لا يعرفها إلا خواصهم، ويفسرونها تفسيرًا مخالفًا للشريعة، فالصلاة عندهم هي معرفة أسرارهم، والصيام كتمان تلك الأسرار، والحج زيارة مشايخهم، ويستبيحون المحرمات والأنكحة المحرمة بزعم التأويل الباطني.

5- إنكار اليوم الآخر والتقمص

ينكرون الجنة والنار والبعث والحساب، ويؤمنون بـ"التقمص"، أي انتقال الروح من جسد إلى جسد، في سلسلة لا نهائية من الحيوات.

6- الطعن في الصحابة والأنبياء

ينتقلون بالتدرج في دعوتهم من سب الصحابة إلى الطعن في عليّ نفسه، ثم إلى اتهام الأنبياء بوضع الشريعة لتحقيق أغراض دنيوية.

ثالثًا: فتاوى العلماء في حكم الدروز

فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

بعد دراسة المذهب وأصوله ومحتوى بعض المناقشات المنشورة، جاء في البيان أن الدروز فرقة باطنية كافرة، لا تُعتبر من فرق الإسلام، ولا تُقبل منهم شعائر الإسلام الظاهرة كالشهادتين، ما داموا يعتقدون هذه العقائد الباطنية، وقد ورد البيان في «فتاوى اللجنة الدائمة» (2/ 288-292).

فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"هؤلاء الدرزية والنصيرية كفار باتفاق المسلمين، لا يحل أكل ذبائحهم، ولا نكاح نسائهم، ولا يقرّون بالجزية، فإنهم مرتدون عن دين الإسلام، ليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى، ولو أظهروا الشهادتينقال في "مجموع الفتاوى" (1/ 161):...".

وفي موضع آخر من "مجموع الفتاوى(3/162)":

"كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون، بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم... زنادقة مرتدون، لا تقبل توبتهم، ويجب على ولاة الأمر إقامة الحدود عليهم...".

خاتمة:

إن مذهب الدروز لا يمت للإسلام بصلة، لا في أصوله ولا في فروعه، وإنما هو مزيج من الفلسفة اليونانية، والباطنية الإسماعيلية، والتصوف الغالي، مع عقيدة تأليه البشر وإنكار الآخرة. وقد أجمع علماء المسلمين عبر القرون على كفرهم وخطرهم، مما يستوجب الحذر من هذه الطائفة، والتحذير منها، وعدم الاغترار بما يظهرونه من شعارات خادعة.

المراجع:

♦ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ج2، ص 288–292.

 مجموع الفتاوى، شيخ الإسلام ابن تيمية، ج1، ص 161، وج3، ص 162.

 

 فضائح الباطنية، أبو حامد الغزالي، ص 37.
 التاج في اللغة، الزبيدي.