من أبرز سمات الفرقة الشيعية الضالة أنهم وضعوا على ألسنة أئمة أهل البيت – رضوان الله عليهم – أحاديث وأدعية لم تصحّ سندًا ولا عقلًا، ونسبوا إليهم خوارق للعادة ومعجزات لا يثبتها نقل ولا يقرها الشرع.
فالشيعة جعلوا أئمتهم يتكلمون مع الجمادات ويغلبون الملوك بالدعاء والسحر، وأضافوا إليهم صفاتٍ لا تليق إلا بالأنبياء، بل تجاوزوا الحدّ حتى نسبوا إلى الإمام جعفر الصادق أدعية خيالية زعموا أنها تحميه من المنصور العباسي وتُهلك أعداءه فورًا.
وفي هذا المقال نستعرض النصوص التي يرويها الشيعة في هذا الباب، ونكشف حقيقتها، ونعرض الرد العلمي عليها من منظور القرآن والسنة والعقل، لنبيّن أن هذه القصص لا تمتّ إلى الإسلام ولا إلى أهل البيت بصلة.
🔹 نصوص الروايات الشيعية المزعومة:
جاء في بعض كتب القوم (كما نقلوا عن الربيع صاحب المنصور):
فعن الربيع صاحب المنصور قال: «كنت رأيت جعفر بن محمد عليهما السلام حين دخل على المنصور يحرك شفيته، فكلما حركهما سكن غضب المنصور حتى أدناه منه، وقد رضي عنه، فلما خرج أبو عبد الله من عند أبي جعفر اتبعته فقلت له: إن هذا الرجل كان من أشد الناس غضبا عليك، فلما دخلت عليه دخلت وأنت تحرك شفتيك، وكلما حركتهما سكن غضبه، فبأي شئ كنت تحركهما؟ قال: بدعاء جدي الحسين بن علي عليهما السلام، قلت: جعلت فداك، وما هذا الدعاء؟ قال: يا عدتي عند شدتي، ويا غوثي عند كربتي، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام. قال الربيع: فحفظت هذا الدعاء، فما نزلت بي شدة قط إلا دعوت به ففرج عني» [1].
وعنه - أيضاً - قال: بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يستقدمه لشيء بلغه عنه، فلما وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال: أعيذك بالله من سطوة هذا الجبار؛ فإني رأيت حرده عليك شديداًَ. فقال الصادق عليه السلام: «علي من الله جنة واقية تعينني عليه إن شاء الله، استأذن لي عليه» [2].
وعن علي بن ميسر قال:
لما قدم أبو عبد الله عليه السلام على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه وقال له: إذا دخل علي فاضرب عنقه، فلما دخل أبو عبد الله عليه السلام نظر إلى أبي جعفر، وأسر شيئاً بينه وبين نفسه لا يدرى ما هو، ثم أظهر: (يا من يكفي خلقه كلهم، ولا يكفيه أحد، اكفني شر عبد الله بن علي) فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه وصار مولاه لا يبصره، قال: فقال أبو جعفر: يا جعفر بن محمد! قد أتعبتك في هذا الحر فانصرف. فخرج أبو عبد الله عليه السلام من عنده، فقال أبو جعفر لمولاه: ما منعك أن تفعل ما أمرتك به؟! فقال: لا - والله - ما أبصرته، ولقد جاء شئ حال بيني وبينه. فقال أبو جعفر: والله لئن حدثت بهذا الحديث لأقتلنك[3].
وروي: «أن داود بن علي بن عبد الله بن عباس قتل المعلى بن خنيس مولى جعفر بن محمد عليهما السلام، وأخذ ماله، فدخل عليه جعفر عليه السلام وهو يجر رداءه، فقال له: قتلت مولاي وأخذت مالي، أما علمت أن الرجل ينام على الثكل، ولا ينام على الحرب؟! أما والله لأدعون الله عليك، فقال له داود: أتهددنا بدعائك - كالمستهزئ بقوله - فرجع أبو عبد الله عليه السلام إلى داره، فلم يزل ليله كله قائماً وقاعداً حتى إذا كان السحر سُمع وهو يقول في مناجاته: يا ذا القوة القوية، ويا ذا المحال الشديد، ويا ذا العزة التي كل خلقك لها ذليل، اكفني هذه الطاغية وانتقم لي منه. فما كان إلا ساعة حتى ارتفعت الأصوات بالصياح، وقيل: قد مات داود بن علي الساعة» [4].
الغرض من وضع هذه الروايات:
الشيعة وضعوا مثل هذه الروايات لغرضين رئيسيين:
1) تعظيم أئمتهم حتى يرفعوهم فوق البشر، ويضفوا عليهم صفات الأنبياء وربما الإلهية.
2) ترسيخ الارتباط الروحي بأئمتهم عبر أدعية خاصة تُنسب إليهم، ليجعلوا الدعاء الشيعي مميزًا عن دعاء المسلمين، فيُربّوا أتباعهم على التعلق بالإمام لا بالله.
الرد الشرعي والعقلي:
❖ القرآن الكريم يقرر أن النصر والفرج لا يكون إلا من الله وحده، لا بدعاءٍ سحري أو سرٍّ خفي، قال تعالى :﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
(آل عمران: 126).
❖ وقال سبحانه: ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴾ (سورة الجنّ: 21).
فالنبي ﷺ نفسه لم يكن يملك لأحدٍ نفعًا ولا ضرًّا، فكيف يُنسب للإمام جعفر الصادق – وهو بشر صالح – أن يُبصر الغيب ويهلك أعداءه بالدعاء في لحظة؟!
❖ كما قال ﷺ في الحديث الصحيح:
«الدعاء هو العبادة» (رواه الترمذي).
أي أنه عبادة بين العبد وربه، وليس وسيلة لإظهار القوة والسيطرة أو الانتقام.
الشبهة والرد عليها:
الشبهة:
يقول الشيعة إن الله استجاب لدعاء جعفر الصادق على من ظلمه، فدلّ ذلك على ولايته الخاصة ومعجزاته.
الرد:
الكرامة للمؤمن الصادق ممكنة، لكن هذه الروايات لا تثبت كرامة، بل تناقض العقيدة الإسلامية؛ إذ تُصوّر الإمام يتحكم في الكون، ويعمي الأبصار، ويهلك الناس بالدعاء، وهذه صفات ربوبية لا بشرية.
ثم إن هذه القصص بلا سند صحيح، بل تُروى في كتبهم بلا توثيق ولا شاهد، مما يدل على أنها موضوعة لتقديس الأئمة لا لنقل التاريخ.
[1] الإرشاد، للمفيد (2/184)، بحار الأنوار للمجلسي (47/175، 101/282)، الأنوار البهية، لعباس القمي (164)، أعيان الشيعة لمحسن الأمين (6/460)، كشف الغمة، للإربلي (2/382).
[2] بحار الأنوار للمجلسي (47/167).
[3] بصائر الدرجات، للصفار (514)،بحار الأنوار للمجلسي (47/169).
[4] روضة الواعظين، للفتال النيسابوري (209)، خاتمة المستدرك للنوري الطبرسي (5/300)، الإرشاد، للمفيد (2/185)، مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب (3/357)، المجتنى من دعاء المجتبى، لابن طاوس (56، مدينة المعاجز، لهاشم البحراني (5/225)، بحار الأنوار للمجلسي (92/221)، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي (15/328)، معجم رجال الحديث، للخوئي (19/265)، المعلى بن خنيس، لحسين الساعدي (48)، كشف الغمة، للإربلي (2/383)، الإمام الصادق علم وعقيدة لرمضان لاوند (80).