الرد المفصل على افتراءات الرافضة حول مسألة فدك
يُعرف الشيعة الإمامية الاثنا عشرية – وهم فرقة ضالة خارجة عن جماعة المسلمين – بكثرة ما يختلقونه من الأحاديث المكذوبة والروايات الموضوعة، في سبيل تشويه صورة الصحابة الكرام والطعن في أئمة الهدى من أهل السنة، بل تجاوزوا الحد حتى نسبوا إلى أهل بيت النبي ﷺ أنفسهم ما لا يليق بمقامهم الشريف. ومن أبرز تلك الافتراءات ما زعموه في قضية فدك، ومحاولتهم تصوير موقف فاطمة الزهراء رضي الله عنها بأنه غضب لأجل مال الدنيا.
وقد ردّ عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم منهاج السنة النبوية، فبيّن بطلان دعاواهم وألزمهم الحجة، دافعًا عن مقام الزهراء وأبيها وزوجها، كاشفًا تلبيس الرافضة الذين أرادوا مدحها فوقعوا في الطعن بها.
|
نص كلام شيخ الإسلام في منهاج السنة |
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية (ج 4 / ص 244):
"وذلك الحاكم يقول: إنما أمنع لله، لأني لا يحل لي أن آخذ المال من مستحقه فأدفعه إلى غير مستحقه، والطالب يقول: إنما أغضب لحظي القليل من المال.
أليس من يذكر مثل هذا عن فاطمة ويجعله من مناقبها جاهلًا؟
أو ليس الله قد ذم المنافقين الذين قال فيهم:
﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾ التوبة: ٥٨–٥٩
فذكر الله قومًا رضوا إن أُعطوا، وغضبوا إن لم يُعطَوا، فذمّهم بذلك، فمن مدح فاطمة بما فيه شبه من هؤلاء ألا يكون قادحًا فيها؟
فقاتل الله الرافضة، وانتصف لأهل البيت منهم، فإنهم ألصقوا بهم من العيوب والشين ما لا يخفى على ذي عين."
|
الشبهة: |
🩸يزعم الرافضة أن ابن تيمية قد طعن في فاطمة رضي الله عنها في هذا الموضع، وأنه شبّهها بالمنافقين الذين وصفهم الله في سورة التوبة، وأن هذا من بغضه لأهل البيت.
ويستدلون ببتر النص وإخراجه من سياقه، دون النظر إلى بداية كلامه ولا المقصود منه، فينسبون إليه ما لم يقله.
|
الرد على الشبهة وتوضيح المقصود: |
إن كلام شيخ الإسلام رحمه الله جاء في سياق الرد على الرافضي ابن المطهر الحلي في كتابه منهاج الكرامة، حينما ذكر أن فاطمة رضي الله عنها غضبت على أبي بكر رضي الله عنه في مسألة فدك، وعدّ ذلك من مناقبها!
|
فقال ابن تيمية في الوجه السابع من رده: |
"أن ما ذكره عن فاطمة أمر لا يليق بها، ولا يحتج بذلك إلا رجل جاهل يحسب أنه يمدحها وهو يجرحها؛ فإنه ليس فيما ذكره ما يوجب الغضب عليه..."
ثم تابع كلامه حتى قال الجملة التي أوردها الرافضة، ليبين أن قولهم هذا – لو سلّمنا به جدلًا – يقتضي القدح في فاطمة لا مدحها، لأن الغضب لأجل الدنيا لا يكون منقبة، بل منقصة، والله تعالى قد ذم من يغضب لأجل المال.
إذن، ابن تيمية لم يطعن في الزهراء رضي الله عنها، بل قال إن من زعم أنها غضبت لأجل فدك فقد قدح فيها من حيث لا يشعر. فهو إلزامٌ عقليٌّ وجدليٌّ للرافضة، يقصد به بيان فساد منطقهم.
ولذلك ختم كلامه بقوله:
"فقاتل الله الرافضة، وانتصف لأهل البيت منهم..." أي أن الله ناصر أهل البيت من هؤلاء الذين ألصقوا بهم ما لا يليق.
فهذا من أبلغ ما يكون في الدفاع عن مقام فاطمة الزهراء رضي الله عنها وتنزيهها عن مثل تلك الدعوى.
|
بيان موقف فاطمة رضي الله عنها الصحيح: |
لم يثبت في الصحيح أن فاطمة رضي الله عنها طالبت بأرض فدك لنفسها، وإنما الحديث الوارد في الصحيحين أن أبا بكر رضي الله عنه قال:
»إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ«
ففهمت فاطمة أن هذا الحكم خاصٌّ بالمال العام، ولم يقع بينهما ما يقدح في الإيمان ولا في المودة. بل ثبت أن فاطمة رضي الله عنها أوصت أن تُدفن ليلًا وأن يصلي عليها عليٌّ رضي الله عنه، ولم يصدر منها ما يقدح في دينها أو حبها للحق.
|
الخلاصة: |
◘ ابن تيمية لم يتهم فاطمة رضي الله عنها بالنفاق.
◘ كلامه إلزام للرافضة، يبيّن أنهم في دعواهم يسيئون إلى فاطمة بدل مدحها.
◘ مقصده تنزيه الزهراء رضي الله عنها عن أن تُنسب إليها دوافع دنيوية.
◘ ختام كلامه "فقاتل الله الرافضة..." دليل أنه يهاجمهم لا يهاجم فاطمة.
|
المصادر والمراجع: |
◘ ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، تحقيق د. محمد رشاد سالم، ج 4 / ص 244.
◘ البخاري ومسلم، الجامع الصحيح، كتاب الخمس.
◘ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ترجمة فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
◘ ابن كثير، البداية والنهاية، أحداث سنة 11 هـ.
◘ الردود العلمية على ابن المطهر الحلي، ضمن بحوث العقيدة والرد على الفرق الضالة.