يُعَدّ كتاب العقد الفريد لأبي عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي واحدًا من أشهر كتب الأدب العربي التي زخرت بها المكتبة الإسلامية. وقد جمع فيه المؤلف بين الأدب والتاريخ والشعر والنوادر، فصار مرجعًا واسع الانتشار عند العلماء والأدباء. ومع ذلك، لم يَسْلَم الكتاب من النقد والتحذير، إذ اختلط فيه الصحيح بالضعيف، وامتزجت فيه الفوائد الأدبية بالملاحظات العقدية والمنهجية. وهذا المقال يضع الكتاب في ميزان النقد العلمي، مستعرضًا حياة مؤلفه، ومناقشًا أبرز ما قيل في محاسنه ومساوئه.
صاحب الكتاب:
◘ هو أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي الأندلسي، مولى بني أمية، وُلد سنة (246هـ).
◘ نشأ في قرطبة، وكان في شبابه صاحب لهو وطرب، ثم رجع في كبره عن ذلك.
◘له أشعار كثيرة سماها "الممحصات"، إذ نقض بها أشعاره القديمة في الغزل والصبا بأخرى في الزهد والمواعظ.
◘ قال فيه ابن كثير: "كان من الفضلاء المكثرين والعلماء بأخبار الأولين والمتأخرين، ويدل كثير من كلامه على تشيع فيه وميل على بني أمية".
◘ توفي رحمه الله سنة (328هـ).
كتاب العقد الفريد: حسناته وسيئاته
المحاسن
◘ تميز بقوة أدبية واضحة وأسلوب رفيع، يجذب القارئ ويجمع بين الطرافة والمتعة.
◘ احتوى على أخبار وأشعار وحِكم ونوادر، مما جعله من أوسع كتب الأدب مادةً وتأثيرًا.
◘ أثنى عليه ابن كثير قائلًا: "وكتابه العقد يدل على فضائل جمة وعلوم كثيرة مهمة".
◘ قال الشيخ عائض القرني: "هو من أحسن الكتب فوائد"، مشيرًا إلى قيمته الأدبية.
المساوئ
1- يورد كثيرًا من الأحاديث الموضوعة والباطلة دون تعليق.
2- يتبنى مواقف منحازة ضد بني أمية ويُظهر ميولًا شيعية.
3- يذكر في بعض المواضع ألفاظًا فاحشة وأخبارًا لا تليق بالمسلم الأديب.
4- ملأ كتابه بأحاديث ضعيفة وأخبار واهية لا يُعتمد عليها.
5- أنقص من قدر الصحابة وآل البيت بنقله أكاذيب تمجّها العقول السليمة، مما يجعل القارئ ينفر مما يقرأ.
مقالات السقيفة ذات صلة: |
عند الشيعة الرسول ذهب عقله كاد عقلة أن يطير علي رضي الله عنه يعطل حد اللواط في كتب الرافضة |
نظرة متوازنة
◘ الكتاب يجمع بين الجمال الأدبي والضعف العلمي.
◘ فهو مصدر أدبي ثري، لكنه يحتاج إلى قارئ ناقد يميّز الصحيح من الباطل.
◘ لذا فهو كتاب يُقرأ للاستفادة الأدبية مع الحذر من أخطائه العقدية والمنهجية.
الخاتمة
يبقى كتاب العقد الفريد مرجعًا أدبيًا مهمًا في التراث العربي الإسلامي، لكن لا بد من وضعه في الميزان النقدي الذي يكشف محاسنه ويبيّن مساوئه. فقد جمع بين الأدب الرفيع والفوائد الجمة من جانب، وبين الانحرافات العقدية وضعف الروايات من جانب آخر. ومن هنا وجب على طلاب العلم والأدب أن يتعاملوا معه بحذر، فيأخذوا ما فيه من نفع، ويتجنبوا ما فيه من خلل، سائلين الله أن يرحم مؤلفه ويعفو عنه، وأن يوفقنا لاتباع الحق والصواب.