الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي (673هـ – 748هـ) من كبار علماء الأمة وأئمة النقد والجرح والتعديل، وقد عُرف بغيرته على دين الله، ونصحه للأمة، وكشفه للباطل وزيفه. ولم يكتفِ الذهبي بتمييز الرواة والرجال، بل تعدى ذلك إلى التحذير من بعض المؤلفات التي امتلأت بأباطيل، أو شُحنَت بانحرافات عقدية أو فكرية، أو دسائس أراد بها أصحابها التشويش على عقيدة أهل السنة والجماعة. وللأسف يستغل الشيعة الروافض والنصارى والمنافقون هذه الكتب، فيدّعون أنها من تراث أهل السنة، ثم يقتطعون منها شبهات وأقوالًا تخدم أهواءهم، ليضللوا بها عوام الناس. ومن هنا جاءت أهمية بيان ما حذّر منه الإمام الذهبي من هذه المؤلفات، وتنبيه المسلمين على خطرها.
الكتب التي حذَّر منها الإمام الذهبي:
- كتاب "الفصوص" / لمحيي الدين ابن عربي:
قال الذهبي: "ومن أردأ تواليفه كتاب الفصوص، فإن كان لا كفر فيه، فما في الدنيا كفر. نسأل الله العفو والنجاة، فواغوثاه بالله". وقال أيضًا: "ولا ريب أن كثيرًا من عباراته له تأويل، إلا كتاب الفصوص".
- كتاب "الفصول والغايات في محاذاة السور والآيات" لأبي العلاء المعرّي:
ذكر الذهبي شيئًا من شعره الدال على ضلاله، ثم قال: "هذا إلى ما يحكى عنه في كتاب الفصول والغايات، فقيل له: إن هذا من القرآن؟
فقال: لم تصقله المحاريب أربع مائة سنة".
مقالات السقيفة ذات صلة: |
هل قول ابن القيِّم في فناء النار صحيح؟ |
وقال أيضًا: "وإنما تحدثت الألسن بكتابه الذي عارض به القرآن، وعنونه الفصول والغايات في محاذاة السور والآيات".
- كتاب "قوت القلوب" / لأبي طالب المكي:
قال الذهبي في ترجمة ابن سالم شيخ الصوفية السالمية: "للسالمية بدعة قد تفضي إلى حلول خاص، وذلك في القوت". ثم أضاف: "ذكر في القوت أشياء منكرة في الصفات".
( قال الذهبي في "الميزان" (3/ 655) قال الخطيب: ذكر في "القوت" أشياء منكرة في الصفات ).
- كتاب "كيمياء السعادة والعلوم" للغزالي
نقل الذهبي عن عبد الغافر قوله: "ومما نُقِم عليه – أي الغزالي – ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية في كتاب كيمياء السعادة، وشرحه لبعض الصور والمسائل بما لا يوافق الشرع".
وظواهر ما عليه قواعد الملة، وكان الأولى به - والحق أحق ما يقال - ترك ذلك التصنيف، والإعراض عن الشرح له.
ثم قال الذهبي: قلت: "ما نقمه عبد الغافر على أبي حامد في الكيمياء، فله أمثاله في غضون تواليفه، حتى قال ابن العربي: شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة، وأراد أن يتقيأهم، فما استطاع".
- كتاب "المبتدأ" لإسحاق بن بشر:
قال فيه الذهبي: "الشيخ العالم القصاص الضعيف التالف".
وقال عن كتابه: "هو كتاب مشهور في مجلدتين، ينقل منه ابن جرير فمن دونه، حدث فيه ببلايا وموضوعات".
مقالات السقيفة ذات صلة: |
عند الشيعة الرسول ذهب عقله كاد عقلة أن يطير علي رضي الله عنه يعطل حد اللواط في كتب الرافضة |
كتاب "المنخول" للغزالي:
قال الذهبي: "وفي أواخر المنخول للغزالي كلام فجّ في إمام، لا أرى نقله هنا".
والمراد به الإمام أبو حنيفة. وأضاف: "فالكتاب ليس فيه أثارة من علم... وفيه من التعصب الشنيع على الإمام أبي حنيفة ما تصم عنه الأسماع".
وتنبوا عنه الأذواق (14) حتى أن الجويني دهش لما رأى "المنخول" للغزالي فقال الإمام الذهبي: قال ابن النجار في الغزالي: إنه ألف "المنخول" فرآه أبو المعالي - هو الجويني - فقال: دفنتني وأنا حي، فهلا صبرت، الآن، كتابك غطى على كتابي.
- كتاب "المستخرجة" / لأبي عبد الله العتبي:
قال الذهبي: "قال أسلم بن عبد العزيز: أخبرني ابن عبد الحكم أني رأيت كتبًا حسنة الخط، تدعى المستخرجة من وضع العتبي، فرأيت جلها كذوبًا". وقال أيضًا: "أكثر فيها من الروايات المطروحة والمسائل الشاذة".
- كتاب "المناقب" / لعباد بن يعقوب الراوجني الكوفي:
قال الذهبي: "رأيت له جزءًا من المناقب جمع فيه أشياء ساقطة قد أغنى الله أهل البيت عنها... وكان هذا الرجل من غلاة الشيعة، لكنه صادق الحديث، غير أنه متهم في دينه، يتعصب لعلي وآله".
- كتاب "نهج البلاغة" للشريف المرتضى-الرضى:
قال الذهبي: "هو جامع كتاب نهج البلاغة المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي رضي الله عنه، ولا أسانيد لذلك. بعضه حق، وفيه باطل، وموضوعات حاشا الإمام منها. ولكن أين المنصف؟".
الخاتمة:
هذه المؤلفات التي حذّر منها الإمام الذهبي تمثل نماذج لكتب دسّ فيها المؤلفون أباطيل أو انحرافات، ثم تلقفها المبطلون من الشيعة والنصارى والمنافقين ليزينوا بها باطلهم. ومن هنا جاءت عناية الذهبي وكبار النقاد بالتحذير منها، ليبقى الدين مصونًا، والسنة نقيّة من الشبهات. فالمسلم مطالب بأن يتثبت من الكتب التي يقرأها، وأن يعرضها على ميزان أهل العلم، حتى لا يقع في حبائل التضليل.