الحمد لله الذي حفظ دينه وقيّض له من العلماء من يكشفون زيف المضللين عبر العصور، والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
لقد شكّل الفكر اليساري الماركسي في القرن العشرين تياراً خطيراً حاول التسلل إلى ساحة الأدب والفكر الإسلامي عبر أقلام بعض الكتّاب الذين سعوا إلى إعادة صياغة التاريخ الإسلامي بما يخدم الأيديولوجيات المعاصرة. ومن أبرز هؤلاء: عبد الرحمن الشرقاوي، الذي جمع بين العمل الصحفي والأدبي، وبين الفكر الاشتراكي الماركسي، مستغلاً الأدب والرواية والمسرح في تمرير رؤيته المنحرفة عن الإسلام وتاريخه ورجاله. وفي هذا المقال نسلط الضوء على سيرته وأبرز أعماله، ونكشف الانحرافات الفكرية والعقدية التي تضمنتها كتاباته، وخطورة تأثيرها على القارئ المسلم، مع بيان موقف العلماء من هذه المؤلفات.
مقالات السقيفة ذات صلة: |
هل قول ابن القيِّم في فناء النار صحيح؟ |
وهذه الأسماء، المؤلَّفات والكتّاب أصبحت مكشوفة ومعروفة الهوية، ولذلك فهي لا تستطيع أن تكسب ثقة قارئ واحد من المؤمنين بالتوحيد وعقيدة السلف الصالح في الإسلام الحنيف.
عبد الرحمن الشرقاوي:
كاتب صحفي شيوعي ماركسي، وداعية لمذهب الاشتراكية.
في آخر حوار له في مجلة المصور، أجراه معه المحاور مصطفى عبد الغني، وضمنه كتابه الشرقاوي متمرداً، وبعد أن قرأه الشرقاوي مكتوباً قال إنه يفضل نشر الحديث بعد وفاته. والذي فُهم من الحوار أنه كانت له ميول شيوعية وأفكار اشتراكية، مجسدة في المنهج اليساري، ولكنه كان ينفي انتماءه لأي حزب.
(مجلة المصور، ع 3293 – 28/3/1408هـ، ص 37 – 38).
وكان ممن عملوا على إعادة كتابة التاريخ والتراث الإسلامي وتزييفه ومسخه، أمثال: (طه حسين، عبد الرحمن الشرقاوي، جرجي زيدان).
حياته ونشأته:
وُلد عبد الرحمن الشرقاوي في 10/11/1920 بإحدى قرى محافظة المنوفية، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول عام 1943.
بدأ حياته العملية بالمحاماة، ثم عمل في الصحافة بمجلة الطليعة (معظم كتابها من الشيوعيين الماركسيين)، ثم مجلة الفجر (كتّابها من الشيوعيين الماركسيين، وهي مجلة الحزب الشيوعي المصري).
وعمل بعد ثورة 23 يوليو في صحيفة الشعب ثم صحيفة الجمهورية، ثم شغل منصب رئيس تحرير روزاليوسف، ثم عمل بعدها في جريدة الأهرام.
أعماله الأدبية
◘ روايته الأولى الأرض عام 1954، وقد لاقت شهرة كبيرة وصُنع منها فيلم.
◘ مسرحيته الشعرية الأولى مأساة جميلة عام 1962.
كتاباته في التراجم الإسلامية
ارتاد عبد الرحمن الشرقاوي منهجاً ماركسياً منحرفاً في إظهار الصراع بين المال والسلطة وكفاح المسلمين الفقراء، مثل كتبه:
◘ محمد رسول الحرية
◘ الفاروق عمر
◘ علي إمام المتقين
◘ الصديق أول الخلفاء
◘ عثمان ذو النورين
◘ ابن تيمية: الفقيه المعذب (كذب فيه على ابن تيمية ونسب له ما لم يقله ومناظرات لم يقم الشيخ بها، بغرض تشويه المنهج السلفي المعارض للماركسية والاشتراكية).
◘ أئمة الفقه التسعة (وهو أقرب للقصص مجهولة المصادر من السرد التاريخي المسند).
◘ صلاح الدين: النسر الأحمر.
مقالات السقيفة ذات صلة: |
عند الشيعة الرسول ذهب عقله كاد عقلة أن يطير علي رضي الله عنه يعطل حد اللواط في كتب الرافضة |
موقف العلماء منه
تنبه العلماء لخطورة مسلك الشرقاوي في رواياته وكتبه، ومحاولته إسقاط فكره اليساري على الأحداث الإسلامية، فحذروا منه وخاضوا معه معارك ضارية، وحذروا القراء من كتبه.
لدرجة أن الكاتب النصراني لويس عوض كتب في مجلة المصور:
"ثم نجد تلك الصفحات التي وُسمت باسم (الإمام علي) في جريدة الأهرام، والتي كتبها عبد الرحمن الشرقاوي، وكيف جدد خصومته القديمة للإسلام تحت أسلوب براق من الانتماء للإسلام، وغفل عن أن تاريخه لا يزال معروفاً ومذكوراً، وأن كتابه (محمد رسول الحرية) وتقرير الإمام أبو زهرة ما يزال بين أيدي الناس..."
مسرحية الحسين شهيداً
هذه الرواية قد دُمغت من جماعة من العلماء، ومن بينهم الدكتور الطيب النجار، بأنها ظلم شديد للمجتمع الإسلامي.
وقد افترى الشرقاوي فيها كما افترى طه حسين من قبل على العصر الثاني للهجرة في كتابه حديث الأربعاء حين وصفه بأنه عصر شك ومجون، مع أن فيه كبار التابعين والأعلام مثل: أبو حنيفة، الشافعي، أحمد بن حنبل، الحسن البصري.
وكذلك في مسرحية الحسين شهيداً صوّر المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول ﷺ بنصف قرن فقط في صورة بشعة:
◘ مجتمع عربدة وفجور.
◘ مجتمع شقاق ونفاق.
◘ مجتمع جبن وضعف.
◘ مجتمع خيانة ونكث للعهود.
مع أن المجتمع حينها كان لا يزال يضم عدداً كبيراً من الصحابة الكرام، وفيه عدد ضخم من التابعين لهم بإحسان.
الانحرافات في المسرحية
◘ ترددت في المسرحيتين (الحسين ثائراً والحسين شهيداً) عبارات الاتهام بالكفر والخروج عن الإسلام، وعبارات اللعن والتشنيع.
◘ صوّر العصر الأموي تصويراً يجافي الحقيقة، فوصفه بأنه عهد الإقطاع والأطماع، وجرد الأمويين من كل خير.
◘ قدّم شخصيات لم تعاصر المرحلة التاريخية، مثل وحشي بن حرب الذي مات سنة 25 هـ في خلافة عثمان رضي الله عنه.
◘ كان قاسياً في الحكم على معاوية رضي الله عنه مع أنه صحابي وكاتب وحي للنبي ﷺ، فذكر أنه عطّل أصلاً من القرآن وزيّف قاعدة الشورى وأهدر أحكام السنة.
◘ تضمّنت المسرحية تعريضاً متكرراً بنظام الجواري، حيث استُعملت عبارات التهكم واللهو والتمتع بهن.
◘ تناثرت عبارات مأخوذة من الجو المسيحي مثل قوله: "ما جئت لألقي سلاحاً، لأملأ كل بيت بالمحبة، جئت لألقي موعظة الخ..."
(موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة، 1-29: 52 / 249).
خطورة فكره:
تناول عبد الرحمن الشرقاوي التاريخ بشكل منحرف ليُظهر أن أصل الصراع بين الصحابة كان على السلطة والمال، متجاهلاً تماماً – وبسقوط متعمد – دور اليهود والسبئيين بزعامة عبد الله بن سبأ اليهودي، وكذلك السبب الأول والرئيسي في استشهاد الحسين رضي الله عنه، وهو استدراج شيعة الكوفة له، ثم خيانتهم له وقتله وإبادة كل من كان معه من أهل بيته.
ويبدو أنه في أواخر أيامه تواصل مع الشيعة، فنقل من مراجعهم وعقيدتهم في الصراع، ولذلك تراهم اليوم يستخرجون من كتاباته الشبهات، ويستميتون في الدفاع عنه وتصويره على أنه مفكر إسلامي عظيم من أهل السنة، وتُحسب كتاباته عليهم.
لقد اعتمد الشرقاوي على روايات مجهولة المصدر، أو ضعيفة، أو منكرة، أو موضوعة، أو مأخوذة من مصادر شيعية رافضية، ليُظهر صحابة رسول الله ﷺ بأنهم عشّاق دنيا وأموال، بهدف تزييف الحقائق والتاريخ، وخداع المسلمين، والتدليس عليهم، والطعن في دينهم.
فاستشهاداته من كتب أهل السنة كانت تقوم على روايات ضعيفة أو منكرة أو موضوعة أو لا أصل لها، لتتناسب مع هواه في السياق الدرامي الشعري، ولإظهار الصراع الطبقي الذي تتطلبه الاشتراكية بين عامة الناس والسلطة وأصحاب رؤوس الأموال.