يروي الشيخ الطوسي في "الأمالي" حادثة مؤثرة وقعت بعد معركة الجمل، حيث اجتمع مروان بن الحكم وعدد من قريش مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، معترفين بخطئهم في نكث بيعته وظلمه دون مبرر. ورغم جراح الفتنة، أظهر الإمام علي عفوه وسمو أخلاقه، مؤكدًا أن بيعته لا تقل شرعية عن بيعة أبي بكر وعمر وعثمان، وأنه لم يسعَ إلى السلطة بل صبر على ما جرى من أحداث حفاظًا على وحدة الأمة.
الطوسي:
" 1109 / 16 - أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي الأشناني، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: أخبرنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن عبد الله بن مخارق، عن هاشم بن مساحق، عن أبيه: أنه شهد يوم الجمل، وأن الناس لما انهزموا اجتمع هو ونفر من قريش فيهم مروان، فقال بعضهم لبعض: والله لقد ظلمنا هذا الرجل ونكثنا بيعته على غير حدث كان منه، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلا كان أكرم سيرة ولا أحسن عفوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه، فتعالوا فندخل عليه ونعتذر مما صنعنا.
مقالات السقيفة ذات صلة: |
الطعن في أبو بكر والفاروق وذي النورين وأمهات المؤمنين الطعن في الصحابة وتفضيل علي على النبي ﷺ |
قال: فدخلنا عليه، فلما ذهب متكلمنا يتكلم قال. انصتوا أكفكم، إنما أنا رجل منكم، فإن قلت حقا فصدقوني، وان قلت غير ذلك فردوه علي، أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبض وأنا أولى الناس به وبالناس؟ قالوا: اللهم نعم.
قال: فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني، فبايعت أبا بكر كما بايعتموه، وكرهت أن أشق عصا المسلمين، وأن أفرق بين جماعتهم، ثم أن أبا بكر جعلها لعمر من بعده، وأنتم تعلمون أني أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) وبالناس من بعده، فبايعت عمر كما بايعتموه، فوفيت له ببيعته حتى لما قتل جعلني سادس ستة، فدخلت حيث أدخلني، وكرهت أن أفرق جماعة المسلمين وأشق عصاهم، فبايعتم عثمان فبايعته، ثم طعنتم على عثمان فقتلتموه، وأنا جالس في بيتي، ثم أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره لاحد منكم، فبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان، فما جعلكم أحق أن تفوا لأبي بكر وعمر وعثمان ببيعتهم منكم ببيعتي؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، كن كما قال العبد الصالح: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾
فقال: كذلك أقول: ﴿يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ مع أن فيكم رجلا لو بايعني بيده لنكث باسته يعني مروان "
الأمالي - الشيخ الطوسي - ص 506 – 507، وسنن الإمام علي - لجنة الحديث معهد باقر العلوم - ص 225 – 226
ثم قالوا لي هلم فبايع عثمان والا جاهدناك فبايعت مستكرهًا وصبرت محتسبًا وقال قائلهم إنك يا ابن أبي طالب على الامر لحريص قلت لهم أنتم أحرص..
مصباح البلاغة الميرجهاني ج 4 ص 175