اختلفت الروايات الشيعية بشكل كبير حول شخصية شهربانو المزعومة، زوجة الإمام الحسين وأم الإمام زين العابدين، من حيث زمن وفاتها، ومكان دفنها، بل وحتى من هي فعليًا. ومن خلال تتبع تلك الروايات نكتشف كمًّا هائلًا من التناقضات، والغموض، والتأويلات المتضاربة التي تُظهر زيف هذه الشخصية المختلقة.

أولًا: الاختلاف في زمن وفاتها

1. ماتت في النفاس:

الرواية الأشهر عند الشيعة تدعي أن شهربانو توفيت أثناء ولادتها للإمام زين العابدين. ورد في "الخرائج والجرائح" للراوندي (ج2 ص751): "ويروى أنها ماتت في نفاسها به". وأورد الصدوق في "عيون أخبار الرضا" (ج2 ص135) مثل ذلك.

  • الأكثر قراءه في السقيفة:

الرد على مزاعم الشيعة حول حديث الأئمة الاثني عشر

حقيقة مقولة "لولا علي لهلك عمر"

مزاعم أسر شهربانو في زمن علي بن أبي طالب

لكن هذه الرواية تثير تساؤلات منطقية:

إذا كانت قد تزوجت الحسين عام 16هـ وأنجبت عام 38هـ، فهذا يعني أنها ظلت أكثر من 22 عامًا دون حمل!

لماذا لم تروِ أي حديث عن الحسين طيلة تلك الفترة؟

من علَّمها اللغة العربية؟ من صديقاتها؟ أين ذكراها في الروايات؟

2. توفيت بعد ولادة السجاد بزمن:

يرى ابن داوود الحلي في كتاب "الرجال" (ج1 ص202) أنها توفيت وهو طفل صغير، دون تحديد زمن أو ذكر سند.

3. عاشت بعد عام 38هـ:

تزعم بعض الروايات الشيعية أن الإمام السجاد كان بارًا بأمه ويأبى مشاركتها الطعام، مما يدل على أنها عاشت معه فترة طويلة. انظر: "جامع أحاديث الشيعة" (ج21 ص437)، "مناقب آل أبي طالب" (ج3 ص300).

4. شاركت في واقعة الطف عام 61هـ:

في "معالي السبطين" للحائري (ج1 ص220) تذكر الرواية أن شهربانو كانت ضمن نساء الحسين في كربلاء، وتؤكدها مصادر شيعية أخرى مثل: "موسوعة كربلاء" (ج2 ص172) و"بحار الأنوار" (ج45 ص45-46).

5. زوّجها الإمام السجاد من مولاه:

جاء في "تهذيب الأحكام" للطوسي (ج7 ص397) أن الإمام السجاد زوّج أمه من مولاه، أي أنها كانت على قيد الحياة بعد سنة 55هـ على الأقل!

6. سافرت إلى إيران قبل الطف:

في كتاب "شهربانو أم الإمام السجاد" للعبيدان (ص171)، وردت قصة بلا سند تزعم أنها سافرت إلى الري قبل واقعة كربلاء لتجييش الفرس ضد الأمويين، ثم اختفت في الجبال! وهي قصة تفتقر للسند والدليل والمنطق.

7. هربت بعد الطف:

رواية خرافية أخرى تزعم أن شهربانو هربت بعد الطف إلى جبل في إيران، وغابت فيه! انظر: "أمهات الأئمة" للموسوي (ص269-277).

8. انتحرت غرقًا في الفرات:

روايات أخرى أكثر غرابة تقول إنها انتحرت برمي نفسها في نهر الفرات بعد مقتل الحسين. ورد ذلك في "زندگاني علي بن الحسين" (ص30) و"حياة الإمام زين العابدين" للمقرم (ص19).

ثانيًا: التناقض في مكان دفنها

1. البقيع:

يرى بعض الشيعة أنها دفنت في البقيع. ورد ذلك في "عمارة قبور النبي وأهل بيته" لمحمد السند (ج1 ص180). لكن لا دليل روائي على ذلك.

2. الكوفة:

ذهب بعضهم إلى أنها دفنت بالكوفة، كما في "السلسلة العلوية" لأبي نصر البخاري (ص31)، لكن دون إثباتٍ أو قبر معروف.

3. مدينة الري (طهران):

المقام الشهير المسمى "بقعة بي بي شهربانو" في إيران، لا ذكر له قبل القرن الرابع الهجري، أي بعد أكثر من قرنين على كربلاء. ويظهر أنها بدعة صفوية ومجوسية أضيفت لإحياء الارتباط بين الشيعة والفُرس.

4. الجبل وابتلاعها:

رواية خرافية تذكر أنها نادت "يا كوه خذني" بدلاً من "يا إلهي خذني" فابتلعها الجبل! ويزعمون أن ذلك هو قبرها الموجود اليوم في الري.

5. انتحارها في الفرات:

تتعارض هذه الرواية مع سابقتها، حيث تفيد أنها غرقت في نهر الفرات، ولم تُدفن أصلًا!

خاتمة:

من خلال هذا العرض يتبين أن كل ما يتعلق بشخصية شهربانو هو مجرد خيال وخرافات متضاربة ومتناقضة، لا تستند إلى رواية صحيحة أو منطق علمي أو سند تاريخي. فمرّة ماتت في النفاس، ومرّة انتحرت، ومرّة اختفت في الجبل، ومرّة زُوّجت، ومرّة سافرت لإيران... وفي كل الأحوال لا يعرف أحد متى ماتت، ولا أين دفنت، ولا كيف انتهت حياتها.

وهكذا تتهاوى الأسطورة التي ألّفها بعض الشعوبيين والوضّاعين، وتُفضَح أمام العقل والمنطق والنقل الصحيح، مما يؤكد زيف نسب الأئمة وادعاءاتهم حول الطهارة المجوسية لآبائهم.

المصدر: السقيفة