من أبرز صور التغلغل الفارسي والمجوسي في التشيع ما يظهر جليًا في الغلو والتقديس الذي أُحيطت به شخصيات فارسية كـ"سلمان الفارسي"، والذي رغم مكانته كصحابي جليل في الإسلام، فقد تجاوزه الشيعة ليجعلوه محورًا لعقائد منحرفة، لا لفضله كمسلم، بل لكونه فارسي الأصل.

1- الغلو في سلمان الفارسي بين الفرق الشيعية:

بدأ الأمر عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية، فزعموا أن سلمان أُوتي علم المنايا والبلايا والأنساب، وأن النبي أطلعه على علم الغيب.

ورد ذلك في كتاب "الاختصاص" للمفيد (ص221)، حيث نُسب للنبي قوله:

 "يا أعرابي، لا تغلط في سلمان، فإن الله قد أمرني أن أطلعه على علم المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب".

أما عند النصيرية والعليّ إلهية، فقد تأله سلمان، وجُعل تجسدًا للإله، بل وظهر في صورة جبريل أو أسماء أخرى كـ"روزبه".

وفي كتاب "الرسالة الرستباشية" للخصيبي ص56-59، ورد ادعاء أن الله يظهر في سلمان، وأنه يتجلى فيه، حاشا لله.

بل زعمت هذه الفرق أن سلمان سيعود في آخر الزمان مع المهدي، كما جاء في "الإرشاد" للمفيد (ج2، ص386)، ومعه 27 رجلًا من قوم موسى وأهل الكوفة.

2- سلمان الباب والإله في الفكر الغالي:

لم تتوقف المبالغات عند علم الغيب، بل رُفع سلمان ليكون "باب الله في الأرض"، كما جاء في "رجال الكشي" (ص21):

 "من عرفه كان مؤمنًا، ومن أنكره كان كافرًا".

ولم يكن هذا التكريم لعلة دينية، بل لأن سلمان يمثل العنصر الفارسي في نظر الشيعة، لذلك نال تلك المنزلة التي لم تُمنح لغيره من الصحابة.

3- أبو لؤلؤة المجوسي وعبادة القاتل:

ومن صور التغلب المجوسي على التشيع: تقديس قاتل الخليفة عمر بن الخطاب، أبو لؤلؤة المجوسي، والذي جعلوه "بابا شجاع الدين"، وبنوا له ضريحًا في كاشان بإيران، بل احتفلوا بيوم قتله لعمر باعتباره عيدًا، ورووا فيه الأحاديث ونسبوا ذلك لله تعالى!

في كتاب "عقد الدرر" (ص33 و69)، نُسب إلى الله أنه قال:

 "أمرت ملائكتي أن تنصب كراسي كرامتي وتستغفر لشيعتكم وتُرفع الذنوب عنهم ثلاثة أيام"، في يوم مقتل عمر!

4- المجوس أهل كتاب؟!

في خطوة لإضفاء الشرعية على أصولهم، زعم الشيعة أن المجوس أهل كتاب، استنادًا إلى روايات موضوعة، منها ما ورد في "وسائل الشيعة" (ج11، ص97)، وفي "فقه أهل البيت" (ج4، ص14)، أن المجوس كان لهم نبي وكتاب من 12 ألف جلد ثور.

5- المتعة مع المجوسية:

تجاوز الأمر الاعتراف بهم كأهل كتاب إلى إباحة نكاح المتعة مع المجوسيات! كما في "تهذيب الأحكام" (ج7، ص256) و"الاستبصار" للطوسي (ج3، ص144)، رغم إجماع المسلمين على أن نكاح الكافرة لا يجوز إلا الكتابية.

6- عيد النيروز المجوسي: شعيرة شيعية!

يُعتبر النيروز من أعظم أعياد الشيعة، وتُخصص له أدعية وصلاة، بل واعتبره بعضهم خير الأيام. ففي "وسائل الشيعة" (ج5، ص288) يُستحب الغسل والصلاة والصيام والدعاء يوم النيروز. وفي "بحار الأنوار" (ج59، ص92) يُزعم أنه اليوم الذي نُصّب فيه علي عليه السلام، وظهرت فيه الشمس، واستُجيبت فيه الدعوات، ونُصِب فيه القائم.

7- مدينة قم وفاطمة المعصومة:

لعبت الجغرافيا دورًا في تحديد مكانة المدن والمقامات عند الشيعة، فمكة والمدينة يقابلها عندهم النجف وكربلاء، والآن قم المقدسة، التي جعلوها حرمًا مقدسًا وموضع ظهور البركات. وارتبطت بتقديس قبر "فاطمة المعصومة"، أخت الإمام الرضا، والتي جُعلت زيارتها سببًا لدخول الجنة كما في "بحار الأنوار" (ج99، ص267).

8- المجوسية والأساطير في عقيدة الأئمة:

من يقرأ "الشاهنامة" للفردوسي، يلحظ تطابقًا بين الأساطير الفارسية وقصص الأئمة، فجُعل علي يقاتل الجن كما فعل رستم، وجعل حصان الحسين يقتل أربعين، تمامًا كحصان رستم "رخش". وكذلك سيرة الحسين تشبه سياوخش.

9- بُشرى بعودة المجوس:

وفي غلو فاضح، بشّرت كتب الشيعة بعودة رستم وزال وسياوخش في زمن المهدي، كما جاء في كتاب "إلزام الناصب" (ج1، ص146)، وأنهم سيكونون من أنصار المهدي!

 

خاتمة:

يتضح جليًا أن العقيدة الشيعية، كما تطورت في ظل هيمنة الفرس بعد انهيار إمبراطوريتهم، قد امتصت الكثير من الأساطير والخرافات الفارسية، ورفعت شأن رموزها كالقتلة والمجوس، وسخّرت الدين لإعادة أمجاد القومية الفارسية بثوب التشيع. وما ذكرناه غيض من فيض مما يفضح أصل هذه النحلة.

وصدق الحسن بن علي حين قال عنهم:

"يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلي، وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي".