عناصر الموضوع:

1- كتاب "الحركات الفكرية في الإسلام" للمفكر بندلي جوزلي.

2- كتاب "الحركات السرية الإسلامية" لمحمود إسماعيل عبد الرازق.

3- مؤلفات محمد عابد الجابري وجورج طرابيشي.

4- مصادر شيعية ومعتزلية واستشراقية مذكورة وموثقة داخل المقال.

لقد تلقّى الحداثيون العرب أفكار الفرق الضالة كالمعتزلة والرافضة وغلاة الصوفية وخوارج نسق السنة والأساليب التقليدية في فهم الدين ليصوروا للعالم أنهم أبناء النقد والعقل. في حين أنهم استدعوا تلك المنهجيات لتكون سنداً للطعن في القرآن والسنة ومنهج أهل السنة والجماعة. فكانوا ينتقون من تراث تلك الفرق ما يشحذ حربهم على الدين ومقدساته.

 

تفصيل الاستعانة بالرافضة:

لقد وجد الحداثيون العرب في الفكر الرافضي معينًا لا ينضب يرفدهم بما يعينهم على تقويض السنّة والتشكيك في ثبوتها، لا لأنهم يوافقون الرافضة في عقيدتهم، بل لأن الطعن في الصحابة الذين رووا السنّة، مدخل للطعن في الحديث بأسره، وهو ما نجده صريحًا في كتابات محمد عابد الجابري ونصر حامد أبو زيد وغيرهما.

وقد استحسن الحداثيون بعض مزاعم الرافضة كدعوى تحريف القرآن بوجود "مصحف فاطمة"، ليضربوا الثقة في نصوص المصحف الشريف. كما استشهدوا بموقف الرافضة من أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما لنسف جملة كبيرة من السنن. بل تعدى الأمر إلى تأييدهم المنهج الباطني في التأويل والذي يجعل للنص ظاهرًا وباطنًا يُؤول بحسب الهوى والميل، وهو ما توافقوا فيه مع طائفة غلاة الصوفية كذلك.

ويظهر في كتاب جورج طرابيشي "من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث" مثالٌ حي على استدعاء الروافض لمجرد النيل من الحديث، دون التزام بأي ضبط علمي أو نقد منهجي.

 

تفصيل الاستعانة بالمعتزلة:

تعلّق الحداثيون بالمعتزلة بشكل خاص، لا لاتباعهم الكامل لهم، ولكن لأنهم وجدوا عندهم ما يخدم مشروعهم في تقديم العقل على النص، وفي الطعن في السنّة عبر نظرية خبر الآحاد، وفي تأويل آيات الصفات والنصوص الشرعية الكبرى.

وقد أعاد الحداثيون إحياء مقولات المعتزلة في خلق القرآن، ليبني عليها دعاة التاريخانية المعاصرون نظريتهم في أن النص القرآني ليس أبديًا، بل وليد بيئة تاريخية قابلة للتغير والتبدل. كما استثمروا مقولاتهم في الحرية والعدل ليؤسسوا لمفهوم الإنسان الخالق لأفعاله بشكل مطلق دون مرجعية شرعية، وهو ما يفتح الباب لمشاريع التحرر الكامل من الشريعة.

ورغم تبرّؤهم من كل تفاصيل منهج المعتزلة، إلا أنهم احتفوا بهم بوصفهم ممثلي العقلانية في التراث، وأعلوا شأنهم في مواجهة أهل الحديث، فنقلوا طعنهم في الصحابة، ورفضهم للإجماع، وشكهم في الأحاديث، واستخدموها كمنصات قصف للمنهج السنّي التقليدي.

وبهذا نرى أن استدعاء الفرق الضالة لم يكن عملاً بريئًا، بل خطوة منظمة لهدم ثوابت الإسلام تحت لافتة التنوير والعقل.

 

خلاصة:

لقد سعى الحداثيون العرب إلى توظيف تراث الفرق الضالة، لا سيما الرافضة والمعتزلة، في معركتهم ضد أصول الإسلام، فجمعوا بين الغلو في التأويل، والطعن في الصحابة، والتشكيك في القرآن والسنّة، مدّعين العقلانية والحرية، وهم في حقيقتهم يرددون شبهات المستشرقين بثوب تراثي قديم، ليجدوا لأنفسهم موضع قدم في حرب الدين.

 

المصادر:

1- حسن حنفي - مجلة ألف

2- محمد عابد الجابري - تكوين العقل العربي

3- نصر حامد أبو زيد - فلسفة التأويل

4- محمد أركون - القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب

5- أحمد أمين - فجر الإسلام

6- محمد أركون - الفكر الإسلامي نقد واجتهاد