الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:

❖ افتراءات الرافضة في حق القرآن الكريم:

من أعظم صور الانحراف العقدي التي ظهرت في فرقة الرافضة الاثني عشرية، ادعاؤهم بأن القرآن الكريم - الذي بين أيدينا - قد حُرّف، ونقص منه الكثير، بل زعموا أن الصحابة رضي الله عنهم قد اجتمعوا على حذف آيات صريحة في ولاية الأئمة، أو آيات تتضمن مثالب في حق المهاجرين والأنصار.

ولم يتوقف الأمر عند مجرد الزعم، بل نشر بعضهم أن القرآن لم يُجمع كما أُنزل إلا في مصحف خاص كان بحوزة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل ادّعوا وجود مصحف آخر يُعرف بـ"مصحف فاطمة"، يحتوي على أضعاف ما في القرآن الذي في أيدي المسلمين اليوم، ويختلف عنه اختلافًا كبيرًا من حيث المحتوى والمعنى والغاية!

(انظر: مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع، د. علي السالوس، 2/149)

 

❖ تصريحات خطيرة من كبار علمائهم:

صرّح الخميني في كتابه "كشف الأسرار" بكلام بالغ الخطورة، إذ قال:

"لقد كان سهلاً على الصحابة أن يُخرجوا هذه الآيات من القرآن، وأن يتناولوا الكتاب السماوي بالتحريف، ويسدلوا عليه الستار... إن تهمة التحريف التي يوجّهها المسلمون إلى اليهود والنصارى إنما هي أحق بالصحابة!"

(صورتان متضادتان، أبو الحسن الندوي، ص 84)

فأي طعن أبلغ من هذا؟ وكيف يُقبل من يدّعي الإسلام أن يتهم خير القرون - أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - بالكذب والتحريف وهم الذين نقلوا الوحي وبلّغوا الدين للعالمين؟!

 

الخلاف بين الرافضة في مسألة القرآن:

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في منهاج السنة النبوية أن الروافض أنفسهم انقسموا إلى فِرَق في نظرتهم إلى القرآن:

فرقة كـ هشام بن الحكم، تقول إن القرآن لا خالق ولا مخلوق!

وأخرى ترى أنه مخلوق محدث؛ كما تقول المعتزلة والخوارج. (منهاج السنة، 2/ 144)

ثم أوضح أن أهل البيت - الذين يدّعي الرافضة اتباعهم - كانوا على خلاف تام مع هذه الآراء، فقد ثبت عن عليّ بن أبي طالب، وأبي جعفر الباقر، وجعفر الصادق رحمهم الله أنهم يرون القرآن كلام الله غير مخلوق، ولا يجوز الطعن فيه

. (منهاج السنة، 2/215-217)

 

مخالفة الرافضة لأهل البيت في أصول العقيدة:

إن الإمامية الاثني عشرية لم يكتفوا بالانحراف عن منهج الصحابة، بل خالفوا أئمة أهل البيت في أكثر الأصول العقدية؛ فلم يُعرف عنهم إنكار الرؤية، أو القول بخلق القرآن، أو نفي القدر، أو الاعتقاد بعصمة الأئمة أو الطعن في الشيخين. وهذه المرويات الصحيحة والمنقولة عنهم كانت ولا تزال مرجعًا لأهل السنة.

(منهاج السنة، 2/ 215)

 

 تأكيد منهج السلف بأن القرآن كلام الله غير مخلوق:

وقد نقل شيخ الإسلام عن جعفر الصادق قوله في مسألة القرآن:

"ليس بخالق، ولا مخلوق، ولكنه كلام الله" وقد اقتدى الإمام أحمد بهذا القول في فتنة خلق القرآن. (منهاج السنة، 2/ 143)

 

إعراض الرافضة عن القرآن والسنة:

أشار ابن تيمية إلى ظاهرة خطيرة، وهي أن الرافضة لا يهتمون بحفظ القرآن الكريم، ولا بتفسيره، ولا يعرفون علومه، كما أنهم يهجرون الحديث النبوي، ويجهلون صحيحه من ضعيفه، ولا يميزون بين الآثار المقبولة والموضوعة. (منهاج السنة، 5/ 107، 108)

وقال:

"ليس في شيوخ الرافضة إمام في شيء من علوم الإسلام: لا في الحديث، ولا الفقه، ولا التفسير، بل هم بين جاهل أو زنديق، كأحبار اليهود" (منهاج السنة، 7/205، 206)

 

 نماذج من تحريفهم لمعاني الآيات:

يمعن الرافضة في تحريف معاني القرآن بشكل فجّ؛ فمن ذلك تفسيرهم لقوله تعالى:
﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ بأنه "ذنب آدم وما تأخر من ذنب أمته"! وهذا ليس من العلم ولا من التفسير، بل من تحريف الكلم عن مواضعه. (منهاج السنة، 2/239)

 

خلاصة:

ما دام الرافضة قد بدأوا بطعنهم في المصدر الأول للإسلام - وهو القرآن الكريم - فلا يُستغرب منهم الطعن في السنة، أو في الصحابة، أو في أئمة الإسلام من أهل السنة. فبداية الطريق كانت هدم الثوابت، وتشويه الأصول، وتقديم أهوائهم على النصوص.

 

المصادر:

1- مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع، د. علي السالوس (2/149).

2- صورتان متضادتان، أبو الحسن الندوي، ص84.

3- منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، (2/143، 144، 215-217، 239)، (5/107، 108)، (7/205، 206، 297).