تمهيد:

العلماء هم ورثة الأنبياء، حماة الدين، ومصابيح الهدى. رفعهم الله بالعلم، وجعلهم مرجعية للناس، وجعل الخوف منه قرينًا لهم؛ قال تعالى: رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].

فقد رفعهم الله في درجاتهم؛ كما قال: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوْتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].

 

أولاً: منزلة العلماء في الإسلام

وصفهم الله بأنهم أهل الشهادة مع الله وملائكته: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18].

 فضلهم ظاهر في الكتاب والسنة، فهم ليسوا كغيرهم، قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] .

 

ثانيًا: التحذير من سب العلماء والطعن فيهم

 قال الطحاوي في "عقيدته": "وعلماء السلف لا يُذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل".

 ✦ قال ابن عساكر: "لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة".

 ✦ قال الإمام أحمد: "من شم لحوم العلماء مرض، ومن أكلها مات".

 

ثالثًا: آثار الطعن في العلماء وعواقبه الخطيرة

1- الوقوع في الفسوق والظلم: كما في قوله تعالى: {بِئْسَ الْاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيْمَانِ} [الحجرات: 11].

2- سن سنة سيئة تجري عليه: من دعا للطعن في العلماء أفسد غيره.

3- الانحدار إلى درك النميمة والغيبة: وصف النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء بأنهم من شرار الناس.

4- محاربة الله له: كما في الحديث القدسي: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب".

5- استجابة دعوة المظلوم عليه: دعاء العالم المظلوم مستجاب.

6- الجزاء من جنس العمل: من طعن في العلماء، أذله الله.

7- موت القلب: وهو أخطر عقوبة دنيوية.

8- الخطر على العقيدة إن كان الطعن استهزاء بالدين: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيْمَانِكُمْ} [التوبة: 66].

9- سوء الخاتمة: عقوبة واقعية رآها أهل السِّيَر.

 

رابعًا: مفاسد الطعن في العلماء على الأمة

 ✦ تعطيل الانتفاع بعلمهم.

 ✦ القدح في الشرع نفسه، لأنهم حملة الكتاب والسنة.

 ✦ تفريق صف الأمة، وإضعاف المرجعية الشرعية.

 

خامسًا: أقوال السلف والعلماء في التحذير من هذا الخطر

 ✦ مالك بن دينار: "كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينًا للخونة".

 ✦ ابن المبارك: "من استخف بالعلماء ذهبت آخرته".

 ✦ أبو سنان: "من يطلب العلم ويبدأ بالوقيعة، متى يفلح؟".

 

الخاتمة:

سب العلماء جريمة عظيمة، وذنب خطير، لا يعود أثره على الفرد فقط، بل على الأمة كلها. فالعلماء حماة الدين، والطعن فيهم طعن في الدين نفسه، ولذا كان الطعن فيهم طريق الشيطان، وباب الزلل والضياع. فليحذر المسلم من أن يكون سهمًا في نحور المصلحين، وليكن ناصرًا للحق وأهله، محبًا لأهل العلم والدعوة.

 

المصادر:

القرآن الكريم

صحيح البخاري

صحيح مسلم

سير أعلام النبلاء

تبيين كذب المفتري - ابن عساكر

الرد الوافر - ابن ناصر الدين

جامع بيان العلم - ابن عبد البر

تفسير ابن كثير

شعب الإيمان - البيهقي

الدرر الكامنة - ابن حجر

تحفة الطالبين

حرمة أهل العلم - بكر أبو زيد