الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقد كان استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنه في يوم الجمعة، العاشر من محرم، سنة إحدى وستين للهجرة، في كربلاء من أرض العراق، وهو في الثامنة والخمسين من عمره، حدثًا جللاً في تاريخ الإسلام ترك أثره العميق إلى يوم الناس هذا.
ولأن هذه الحادثة صارت مادة دسمة للطعن في أهل السنة وتحريف الحقائق، لا بد من الوقوف معها بتجرد ووعي، واستخلاص الدروس التي تنفع الأمة.
- اخترنا لك من موقع السقيفة:
خيانة الوزير الشيعي علي بن يقطين في عهد هارون الرشيد
وثيقة: كَيْفَ كَانَ مَنْزِلَةُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِيكُمْ
ظلم الابتداع للذكر والصحابة وآل البيت
أولاً: الإمساك عن الخوض في الفتن التي وقعت بين الصحابة
منهج أهل السنة يقوم على الإمساك عمّا شجر بين الصحابة وعدم الخوض في تفاصيل تلك الفتن، لا سيما أن كتب التاريخ مليئة بالمرويات الضعيفة والمكذوبة. يقول الإمام ابن تيمية:
"تِلْكَ دِمَاءٌ طَهَّرَ اللَّهُ مِنْهَا يَدَيَّ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ أُخَضِّبَ بِهَا لِسَانِي"، ويستشهد بقوله تعالى: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ﴾ [البقرة: 134]. [منهاج السنة النبوية 6/ 254].
ثانيًا: مظاهر الحزن على استشهاد الحسين:
الحزن على استشهاد الحسين لا يكون بمظاهر بدعية إن استشهاد الحسين مظلمة عظيمة، وقتله من أعظم الفجائع، ولكن التعبير عن الحزن لا يكون بلطم الخدود ولا بشق الجيوب، ولا بإقامة المآتم كما تفعل الرافضة. يقول ابن تيمية: "من قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" [مجموع الفتاوى 4/ 487].
ثالثًا: بدعة عاشوراء واستغلالها سياسيًا وطائفيًا
رفع الشيعة شعار "يا لثارات الحسين" ليس حبًا في الحسين وإنما حقدًا على أهل السنة. وقد أثبت التاريخ أن الشيعة كانوا أول من غدر بالحسين رضي الله عنه، فقد كتبوا له يدعونه إلى العراق، ثم تخلوا عنه وخانوه.
قال الحسين في كربلاء: "يا قيس بن الأشعث، يا زيد بن الحارث: ألم تكتبوا إلي أنه قد أينعت الثمار؟" [البداية والنهاية 8/ 194]، ودعا عليهم بقوله: "اللهم فرِّقهم فرقًا... فإنهم دعَونَا لينصرونا، ثم عدَوْا علينا فقتلونا" [الإرشاد للمفيد، إعلام الورى للطبرسي].
وقال زين العابدين: "يبكون علينا، فمن قتلنا غيرهم؟" [الاحتجاج للطبرسي 2/29].
رابعًا: خيانة الشيعة للحسين وتاريخهم الأسود
الشيعة في كل عصر عرفوا بالغدر والخيانة، ويقر مؤرخهم محسن الأمين أن عشرين ألفًا من أهل العراق بايعوا الحسين ثم غدروا به وقتلوه [أعيان الشيعة 1/34].
وقال القمي: "تواترت الكتب إلى الحسين حتى اجتمع عنده في يوم واحد ستمائة كتاب من عديمي الوفاء" [منتهى الآمال 1/430].
خامسًا: الهدف الحقيقي من إحياء بدعة عاشوراء
صرح الخميني بقوله: "إن البكاء على الشهيد إبقاء على اتقاد الثورة" [نهضة عاشوراء، ص8]، فليس الهدف دينيًا بل سياسي طائفي، لشحن القلوب ضد أهل السنة.
سادسًا: الخروج على الحكام ليس من منهج أهل السنة
يستدل بعض الجهلة بخروج الحسين رضي الله عنه على جواز الخروج على أئمة الجور، وهو استدلال فاسد، فقد ثبت في منهج أهل السنة أن الخروج على الحاكم لا يجوز لما يترتب عليه من المفاسد العظيمة. يقول ابن تيمية: "ما من طائفة خرجت على ذي سلطان إلا كان في خروجها من الفساد أعظم مما أزالته" [منهاج السنة 3/391].
ويؤكد الإمام النووي أن الخروج على الأئمة حرام بالإجماع، ويعلل ذلك بما يؤدي إليه من سفك الدماء وفساد ذات البين [شرح النووي على مسلم 12/229].
سابعًا: أهمية الاستماع لنصيحة أهل العلم
لقد حاول ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم منع الحسين من الخروج، لما عرفوه من طبيعة أهل الكوفة. قال ابن عباس: "إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟" [مصنف ابن أبي شيبة]. وقال ابن عمر للحسين: "أستودعك الله من قتيل" [سير أعلام النبلاء 3/292].
ثامنًا: لا علاقة بين صيام عاشوراء ومقتل الحسين
صيام يوم عاشوراء سنة نبوية ثابتة قبل مقتل الحسين بسنين، فهو شكر لله على نجاة موسى عليه السلام. قال رسول الله: "أنا أحق بموسى منكم" فصامه وأمر بصيامه [رواه البخاري ومسلم].
تاسعًا: عقوبة من ظلم الحسين في الدنيا قبل الآخرة
لقد انتقم الله ممن شارك في مقتل الحسين، فلم ينجُ أحد منهم من العقوبة. قال ابن كثير: "قلّ من نجا من أولئك الذين قتلوه من آفة وعاهة" [البداية والنهاية 8/220].
وقال الزهري: "لم يبق ممن قتله إلا من عوقب في الدنيا" [الصواعق المحرقة 2/572].
خاتمة:
حادثة كربلاء يجب أن تُقرأ في سياقها التاريخي والشرعي الصحيح، وأن لا تُستغل لتأجيج الأحقاد أو تبرير البدع. رحم الله الحسين بن علي، ورضي الله عنه وأرضاه، وجعل مقتله عبرة للأمة لا فتنة لها.
المصادر:
♦ منهاج السنة النبوية لابن تيمية
♦ البداية والنهاية لابن كثير
♦ مصنف ابن أبي شيبة
♦ الاحتجاج للطبرسي
♦ الإرشاد للمفيد
♦ شرح النووي على مسلم
♦ سير أعلام النبلاء للذهبي
♦ الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي
♦ منتهى الآمال للقمي
♦ أعيان الشيعة لمحسن الأمين
♦ الكامل في التاريخ لابن الأثير
♦ صحيح البخاري وصحيح مسلم