الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله
أما بعد:
استكمالًا لما تقدم في المقال السابق من ذكر صفات الرافضة وأوصافهم، فإننا نواصل الحديث عن أبرز ما وُصفوا به، استنادًا إلى أقوال أهل العلم، وفي مقدمتهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حيث أفاض في كشف ضلالاتهم في كتابه القيم منهاج السنة النبوية.
التاسع: باب التشيع منفذٌ للملاحدة والطاعنين في الإسلام
من أخطر ما ذكره ابن تيمية عن التشيع أنه كان معبرًا للملاحدة والزنادقة للدخول إلى الإسلام، بهدف تخريبه من الداخل، حيث أظهر هؤلاء انتماءهم للتشيع، بينما أبطنوا إلحادًا وكفرًا فاق ما عليه اليهود والنصارى. وأشار إلى أن هؤلاء الملاحدة - كالنصيرية والإسماعيلية والباطنية - وجدوا في التشيع غطاءً عقائديًّا يتسترون به، لينفذوا من خلاله إلى ضرب أصول الدين.
وقد أكد العلماء منذ القدم أن الذي ابتدأ الرفض في الأمة هو زنديق ملحد، أراد تخريب الإسلام من داخله، وأصبحت الرافضة مأوى للزنادقة والغلاة والمعطلة. وكان عبد الله بن سبأ هو أول من ابتدأ الطعن في الصحابة وابتدع القول بالنصّ على علي رضي الله عنه وعصمته، حتى صار أتباعه من الإمامية امتدادًا لهذا المشروع التخريبي.
كما أن كثيرًا من الفرق الضالة من المجوس والصابئة أبدوا التشيع ظاهرًا، مستغلين جهل الرافضة وسرعتهم في تصديق الخرافات، لينشروا من خلالهم معتقداتهم المنحرفة. وكانت هذه الجماعات تستخدم التشيع مدخلًا لهدم الإسلام، مستفيدين من جهل الرافضة وبعدهم عن تعاليم الدين الصحيحة.
العاشر: خيانة الرافضة ومساندتهم للكفار ضد المسلمين
يكشف ابن تيمية عن جانب تاريخي خطير من مواقف الرافضة، حيث كانوا في الغالب أعوانًا لأعداء المسلمين، من اليهود والنصارى والمشركين، ويعادون أهل الإسلام من أهل السنة. وتاريخ الأمة الإسلامي حافل بالشواهد التي تبين تعاون الرافضة مع الغزاة والباطنيين ضد المسلمين، كما حدث مع اجتياح التتار لبغداد، حيث كان الوزير الرافضي ابن العلقمي أحد أسباب انهيار الخلافة العباسية. وكذلك فعل النصير الطوسي، الذي خان المسلمين وتحالف مع المغول.
وقد وصلت خيانة الرافضة إلى أن بعضهم حمل راية الصليب، ووقفوا في صفوف النصارى ضد المسلمين في الشام، وساهموا في احتلال بيت المقدس قديمًا. كما عاونوا التتار في سفك دماء المسلمين، وبيع أولادهم وأموالهم، في مشاهد مؤلمة يعرفها المؤرخون.
الحادي عشر: منزلة الرافضة بين أهل السنة كمنزلة النصارى بين المسلمين
يشبّه ابن تيمية علاقة أهل السنة بالرافضة بما عليه علاقة المسلمين بالنصارى؛ إذ إن الرافضة يغالون في أئمتهم كما غالى النصارى في عيسى عليه السلام، ويجعلون أتباع علي بن أبي طالب - كالأشتر النخعي ومحمد بن أبي بكر - أفضل من الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان، كما تفضل النصارى الحواريين على أنبياء الله.
وفي ضلالهم وخبثهم، الرافضة كالنصارى واليهود، بل جمعوا بين ضلال الفريقين، فكانوا من أجهل الناس وأخطرهم على الإسلام، لأنهم يوالون أعداء الله، ويعادون أولياءه من الصحابة والتابعين.
الثاني عشر: طعنهم في الصحابة وتكفيرهم لهم
من أبرز ما عُرف عن الرافضة هو تكفيرهم للصحابة الكرام، واتّهامهم بالردة بعد وفاة النبي ﷺ، بل وصل بهم الجهل والافتراء إلى القول بأن اليهود والنصارى أفضل من الصحابة! وهذا مما لا يليق بأي مسلم أن يتفوه به، فضلًا عن أن يعتقده. وقد سجل ابن تيمية هذا الانحراف العقدي الخطير، مبيّنًا أن الرافضة يطعنون في أكابر أولياء الله من الصحابة، ويختلقون الأكاذيب عليهم، في حين أنهم أنفسهم أشدّ الناس نفاقًا وكذبًا.
الثالث عشر: ادعاء محبة آل البيت مع محاربتهم لهم
ادّعى الرافضة محبتهم لأهل بيت النبي ﷺ، بينما أثبت التاريخ خيانتهم لهم وتآمرهم على قتلهم. فقد ساعدوا التتار في اجتياح بغداد، وقتلوا من آل البيت أعدادًا هائلة، ونهبوا بيوتهم وسبوا نساءهم. فكانوا ألدّ أعداء آل البيت في الحقيقة، وإن تظاهروا بمحبتهم.
وقد أشار ابن تيمية إلى أن الرافضة انتهى بهم الأمر إلى تكفير علي بن أبي طالب نفسه وأهل بيته، بعد أن كفّروا جمهور الصحابة، ما يدل على تناقضهم وكذبهم.
الرابع عشر: تطاولهم على النبي صلى الله عليه وسلم ورسالة الإسلام
من أعظم طوام الرافضة أنهم لم يكتفوا بالطعن في الصحابة، بل طعنوا في النبي ﷺ نفسه، بزعمهم أن من صحبه – كأبي بكر – كان منافقًا يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهذا القول يستلزم الطعن في النبوة نفسها، لأن فيه اتهامًا للنبي بعدم المعرفة أو الغباء، والعياذ بالله.
وقد تصدى ابن تيمية لهذا الزعم الفاسد، وأثبت بطلانه من نصوص القرآن والسنة، مبيّنًا أن الطعن في أبي بكر طعنٌ في صدق النبي عليه الصلاة والسلام وفي تبليغه الرسالة.
كما أشار إلى أن الرافضة غلوا في أئمتهم الاثني عشر حتى رفعوهم فوق مقام الأنبياء، بل ألهوهم كما فعلت النصارى بالمسيح، فصار دينهم مركبًا من الشرك والبدعة والهوى.
الخاتمة: دين الرافضة خليط فاسد من عقائد شتى
يمكن تلخيص ما سبق في أن الرافضة ليسوا فرقة إسلامية أصيلة، بل طائفة جمعت في عقيدتها بين شتات من الأديان والمذاهب المنحرفة؛ من المجوسية، واليهودية، والنصرانية، والإلحاد، ثم ألبستها رداءً إسلاميًّا خادعًا. فخرجوا بدين لا صلة له بالإسلام إلا من حيث الاسم، وكانت بدعهم سببًا في تغييب السنن، وترويج الأباطيل، وتشويه صورة الإسلام، وتحريف تعاليمه، ومعاداة أهله.
وقد حفظ لنا التاريخ – بفضل العلماء الثقات – وصفًا دقيقًا لحالهم وفسادهم، كما دوّنه ابن تيمية رحمه الله في كتبه، ليبقى شاهدًا على خطرهم الدائم على الأمة الإسلامية.