يتعرض المسلمون في العصر الحديث للعديد من الشبهات المتعلقة بالحديث الشريف، والتي يروج لها بعض الفرق الضالة مثل الشيعة الذين ينسبون أحاديث ضعيفة أو مكذوبة لتحقيق أهداف سياسية ودينية. ومن هذه القضايا ما يتعلق بإيجاب الزكاة على الحلي والذهب عند النساء، وخصوصًا ما ورد عن عائشة رضي الله عنها. في هذا المقال سنتناول الحديث المروي، ونتبين صحة الحديث، الرد على المخالفات المزعومة، وتوضيح قول العلماء مثل الألباني وابن عثيمين، لنستنتج الأحكام الشرعية الصحيحة.

نص الحديث:

قالت عائشة رضي الله عنها: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق فقال: "ما هذا يا عائشة؟ " فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله! قال: "أتؤدين زكاتهن؟ " قلت: لا أو ما شاء الله قال: "هو حسبك من النار".

أخرجه أبو داود 1 / 244 وغيره وإسناده على شرط الصحيح كما قال الحافظ في التخليص 6 / 19 ومحمد بن عطاء الذي في إسناده هو محمد بن عمرو بن عطاء ثقة محتج به في الصحيحين كما في الترغيب وظنه ابن الجوزي في التحقيق 1 / 198 / 1 رجلا آخر فجهله وضعف الحديث من أجل ذلك فلا يلتفت إليه.

فهذا الحديث صريح في إيجاب الزكاة على الحلي وهو حجة الذين ذهبوا إلى إيجابه ومنهم الحنفية.

 الشبهة:

ثم إنه قد ورد عن عائشة نفسها ما يعارض هذا الحديث وهو ما أخرجه مالك 1 / 245 عن القاسم ابن محمد "راوي حديث الخاتم! " أن عائشة كانت تل بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج من حليهن الزكاة. سنده صحيح جدا وتقدم نحوه من رواية أحمد.

فهذه مخالفة صريحة عن عائشة رضي الله عنها لحديثها1 فإذا جاز في حقها ذلك فبالأحرى أن تخالف حديث غيرها لم تروه هي وهي على كل حال مأجورة فماذا يقول المشار إليه في هذه المخالفة؟ أيدع الحديث والمذهب لقولها أم يتمسك بالحديث ويدع قولها معتذرا عنها بأي عذر مقبول كما هو الواجب؟

وعلى كل حال فقد ظهر لكل من له قلب أن ما كان يظنه مما لا يتصور أو أنه مستحيل قطعا قد أثبتناه بالأسانيد الصحيحة ولازم ذلك أن لا يتلفت المسلم إلى أي قول يخالف ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم مهما كان شأن قائله فضلا وعلما وصلاحا لانتفاء العصمة وهذا من الأسباب التي تشجعنا على الاستمرار في خطتنا من التمسك بالكتاب والسنة وعدم الاعتداد بما سواهما كما صنعنا في هذه المسألة التي أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين للعمل بها وبكل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.

الرد:

موقف الألباني رحمه الله:

الألباني ناقش قضية الذهب المحلق، أي ما كان محيطًا بالعضو اليدوي (مثل السوار أو الحلقة)، واستخدم حديث عائشة رضي الله عنها لإثبات وجوب الزكاة. ثم واجه المخالفين الذين استدلوا بنفس الحديث، وقال:

"فهي مأجورة على كل حال، فماذا يقول المشار إليه في هذه المخالفة؟"

أما قول الألباني فهذه مخالفة صريحة من عائشة فكلامه مردود لخطأه أو غير ذلك فهو غير معصوم عائشة لم تخالف وقد بين العلامة ابن عثيمين وغيره قال ابن عثيمين في كتابه:

الرد بحسب ابن عثيمين رحمه الله:

ابن عثيمين أوضح أنه يمكن الجمع بين الروايات المختلفة، فقال:

عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «لا بأس بلبس الحلي إذا أعطي زكاته»، رواه الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن عروة عن عائشة، لكن روى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج من حليهن الزكاة، قال ابن حجر في التلخيص: ويمكن الجمع بينهما بأنها كانت ترى الزكاة فيها (أي: في الحلية) ولا ترى إخراج الزكاة مطلقاً عن مال الأيتام. اه. لكن يرد على جمعه هذا ما رواه مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: «كانت عائشة تليني أنا وخالي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة»، قال بعضهم: ويمكن أن يجاب عن ذلك بأنها لا ترى إخراج الزكاة عن أموال اليتامى واجباً، فتخرج تارة ولا تخرج أخرى، كذا قال، وأحسن منه أن يجاب بوجه آخر، وهو أن عدم إخراجها فعل، والفعل لا عموم له، فقد يكون لأسباب ترى أنها مانعة من وجوب الزكاة فلا يعارض القول، والله أعلم.

مجموع الفتاوى ج 18 ص 163 ط دار الوطن سؤال حول ما مقدار زكاة الذهب والفضة