لم تتوقف محاولات بعض الكتّاب الشيعة عن نسبة القول بولادة المهدي المنتظر إلى كبار علماء ومؤرخي أهل السنة والجماعة عبر العصور، وذلك من خلال بتر النصوص أو تأويلها بما يخدم اعتقادهم، رغم أن الحقائق التاريخية والوثائق المعتبرة تثبت عكس ذلك.

فنجد أسماء مثل الذهبي، الصفدي، اليافعي، ابن طولون وغيرهم، تُستغل أقوالهم لترويج فكرة أن هؤلاء الأئمة المعتبرين أقرّوا بولادة المهدي بن الحسن العسكري، بينما نصوص كتبهم الصريحة تكشف أنهم إنما نقلوا اعتقاد الشيعة فقط دون تبنّيه، بل وصرّح بعضهم بضلال هذه العقيدة.

هذا المقال يلقي الضوء على أبرز هذه الادعاءات، مع بيان النصوص الصحيحة من المصادر، ويكشف أسلوب التدليس الذي اعتاد عليه البعض لتثبيت عقيدة لا أصل لها عند أهل السنة والجماعة.

مقالات السقيفة ذات صلة

الروايات الصحيحة في كتب أهل السنة والجماعة عن المهدي مع نزول عيسى

أحاديث نزول عيسى وصلاته وخروج المهدي

شبهة حديث: المهدي خير من ابي بكر وعمر

إمامة المهدي وصلاته بعيسى عليه السلام والرد عليها

شبهة رواية: «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» 

الادعاء:

32- إسماعيل بن علي أبو الفدا (ت/ 732 هـ) في كتابه: المختصر في أخبار البشر 2: 45 حوادث سنة 253 هـ.

الرد:

المؤلف: أبو الفداء.

وهذا الكتاب يتحدث عن أخبار المغرب والأندلس ويذكر كثيرًا اسم "المهدي القائم"، ويعني بالقائم: «وولاية ولده القائم: في هذه السنة، في ربيع الأول، توفي المهدي عبيد الله العلوي الفاطمي بالمهدية، وأخفى ولده القائم أبو القاسم محمد موته سنة، لتدبير ما كان له...».

ويذكر أيضًا أحد "المهديين": «خلافة الرشيد بن المهدي: وهو خامسهم.

وفي هذه السنة، أعني سنة سبعين ومائة، بويع للرشيد هارون ابن المهدي محمد بالخلافة...».

كان يذكر اسم "المهدي" كثيرًا حتى الملل، وربما هذا أحد الأسباب التي جعلت صاحب كتاب "دفاع عن الكافي" يورد أنه ذكر مولد المهدي المنتظر، حتى لا ينكشف تدليسه وكذبه.

وهذه مشكلتهم، لا يستطيعون إثبات أمر إلا بالتدليس والكذب.

(24) الذهبي

الادعاء:

35- شمس الدين محمد الذهبي (ت/ 748هـ) في: العبر في خبر من غبر، وتاريخ دول الإسلام.

قال في العبر في خبر من غبر:

((وفيها أي: سنة 256هـ ولد محمد بن الحسن ابن علي الهادي... أبو القاسم الذي تلقبه الرافضة الخلف الحجة، وتلقبه بالمهدي والمنتظر... وهو خاتمة الاثني عشر)). (انتهى كلام الذهبي).

الرد:

 وإليكم النص الصحيح الذي جاء في "العبر في خبر من غبر" للذهبي رحمه الله: «وفيها محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي...

أبو القاسم، الذي تلقبه الرافضة: الخلف الحجة، وتلقبه بالمهدي وبالمنتظر، وتلقبه بصاحب الزمان، وهو خاتمة الاثني عشر.

وضلال الرافضة ما عليه مزيد، فإنهم يزعمون أنه دخل السرداب الذي بسامراء فاختفى إلى الآن، وكان عمره لما عُدم تسع سنين أو دونها».

يعني أن الذهبي لا يقول رأيه، ولكن ينقل عقيدتكم في المهدي المنتظر.

(25) حمد الله بن أبي بكر المستوفي

الادعاء:

36- حمد الله بن أبي بكر المستوفي (ت/ 750 هـ) في كتابه: تاريخ گزيده ص 206 و207، طبع طهران سنة/ 1339 هـ.

الرد:

أورد الكاتب كثيرًا من الاستشهادات بكتب مطبوعة بأيدٍ شيعية، سواء في النجف أو في طهران، ومثل هذه الأمور تخالف البحث النزيه، وتفقده مصداقيته التي أُجري من أجلها.

ولذلك اكتفيت بوضع بعضها دون التعرض لها كلها.

(26) صلاح الدين الصفدي

الادعاء:

38- صلاح الدين الصفدي (ت/ 764 هـ) في: الوافي بالوفيات 2: 336...

الرد:

 الصفدي قال عن العسكري: «...أحد أئمة الشيعة الذين يدعون عصمتهم...

وهو والد منتظر الرافضة.

توفي...

وأما ابنه محمد الحجة الخلف الذي تدعيه الرافضة، فولد سنة ثمان وخمسين...

عاش بعد أبيه سنتين، ومات، وعُدم ولم يُعلم كيف مات، وهم يدعون بقاءه في السرداب من تلك المدة، وأنه صاحب الزمان».

هذا هو كلام الصفدي كما ورد في "الوافي بالوفيات"، فانظروا واعلموا.

(27) عبد الله بن علي الشافعي اليافعي

الادعاء:

40- عبد الله بن علي الشافعي اليافعي (ت/ 768 هـ)، في: مرآة الجنان في حوادث سنة 260 هـ، قال: ((وفيها توفي الشريف العسكري أبو محمد الحسن... أحد الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية، وهو والد المنتظر عندهم...)).

الرد:

وهنا أيضًا لا نحتاج للبحث عن هذا المصدر، لأن الأمر واضح، فاليافعي لا يعترف بولادة المهدي بقوله: "على اعتقاد الإمامية" و"وهو والد المنتظر عندهم".

(28) أسعد الفيلسوف الشافعي

52- جلال الدين محمد بن أسعد الفيلسوف الشافعي (ت/ 907 أو 918 أو 928 هـ) في: نور الهداية في إثبات الولاية، المطبوع مع خصائص ابن بطريق سنة 1211 هـ، ومستقلا في سنة 1275، طهران.

من المعروف أن أهل السنة يرفضون الولاية الشيعية، فكيف يؤلفون فيها كتبًا لإثباتها، وتطبعه إيران؟ كيف يستقيم للفهم مثل هذا الأمر؟

أكيد أن جميع أئمة السنة مجمعون على أن من قال: إن الإمامة منصب إلهي بالنص القرآني، أو قال بإمامة أحد الأئمة، فهو قد خرج من إجماع أهل السنة والجماعة، ولم يعد يُحسب عليهم، خصوصًا إذا ألّف كتابًا يثبت فيه الولاية.

(29) شمس الدين محمد بن طولون

58- شمس الدين محمد بن طولون الحنفي، مؤرخ دمشق (ت/ 953 هـ) في كتابه: الأئمة الاثنا عشر.

قال عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف:

((كانت ولادته (رضي الله عنه) يوم الجمعة، منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ولما توفي أبوه المتقدم ذكره كان عمره خمس سنين ((1138).

ثم ذكر أئمة أهل البيت (ع) وقال:

وقد نظمتهم على ذلك فقلت:

عليك بالأئمة الاثني عشر =من آل بيت المصطفى خير البشر

أبو تراب، حسن، حسين= وبغض زين العابدين شين

محمد الباقر كم علم درى؟=والصادق ادعُ جعفرًا بين الورى

موسى هو الكاظم، وابنه علي=لقبه بالرضا وقدره علي

محمد التقي قلبه معمور=علي النقي درّه منثور

والعسكري الحسن المطهّر=محمد المهدي سوف يظهر)) (1139).

سبق وقلنا إن الشخص إذا آمن بالأئمة الاثني عشر، فهو خرج عن إجماع السنة.

والجدير بالذكر أن عامة علماء أهل السنة يكفرون الروافض.