تحدثنا في مقال سابق إن من الأساليب الخبيثة التي انتهجها الرافضة في حربهم الفكرية ضد أهل السنة والجماعة: التلبيس في الأسماء. فهم يستغلون تشابه الألقاب أو الكُنى بين العلماء في التاريخ الإسلامي ليوقعوا القارئ غير المتخصص في لبس واضطراب، فيتوهم أن المقصود عالم سني ثقة بينما المراد رجل رافضي مغالٍ. وهذه الحيلة ليست مجرد خطأ عارض، بل هي مكيدة مدروسة هدفها ضرب الثقة بتراث أهل السنة، وإيهام الناس أن العلماء الكبار كانوا على مذهبهم أو يؤيدون باطلهم. وقد نبّه العلماء قديماً وحديثاً إلى هذا المسلك الماكر، وكشفوا حقيقة التدليس الرافضي، وميّزوا بين الأسماء حتى لا يختلط الحق بالباطل.
يتناول هذا المقال بعض نماذج تلبيس الرافضة في الأسماء، ومنها:
ابن قتيبة: حيث خلطوا بين الإمام السني الكبير عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري صاحب التصانيف الشهيرة، وبين رجل رافضي غالٍ ألّف كتاباً أسماه" المعارف" تضليلاً.
ابن بَطّة وابن بُطّة: فالأول إمام سني حنبلي صاحب" الإبانة الكبرى"، والثاني رافضي قمي. وقد تعمّدوا التلبيس في ذكر الاسم.
ابن حجر: إذ يقولون" قال ابن حجر" ليُظن أنه الحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب" فتح الباري"، بينما يقصدون ابن حجر الهيتمي صاحب" الصواعق المحرقة".
مقالات السقيفة ذات صلة: |
إمكان الحوادث بين شيخ الإسلام ومخالفيه |
واستكمالا للمقال السابق سنتناول كل اسم بالتفصيل:
3- ابن قتيبة
ابن قتيبة السني:
الإمام عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت 276هـ)، من كبار علماء اللغة والأدب والتفسير، صاحب" غريب القرآن" و" تأويل مختلف الحديث" و" المعارف" " العَلاَّمَةُ، الكَبِيْرُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمِ بنِ قُتَيْبَةَ الدِّيْنَوَرِيُّ... ذِكْرُ تَصَانِيْفِهِ:" غَرِيْبُ القُرْآنِ"،" غَرِيْبُ الحَدِيْثِ"، كِتَابُ" المعَارِفِ"، كِتَابُ" مُشْكِلِ القُرْآنِ"، كِتَابُ" مُشْكِلِ الحَدِيْثِ"، كِتَابُ" أَدَبِ الكَاتِبِ"، كِتَابُ" عُيُوْنِ الأَخْبَارِ"، كِتَابُ" طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ"، كِتَابُ" إِصْلاَحِ الغَلَطِ"، كِتَابُ" الفَرَسِ"، كِتَابُ" الهَجْو"، كِتَابُ" المَسَائِلِ"، كِتَابُ" أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ"، كِتَابُ" المَيْسِرِ"، كِتَابُ" الإِبلِ"، كِتَابُ" الوَحْشِ"، كِتَابُ" الرُّؤيَا"، كِتَابُ" الفِقْهِ"، كِتَابُ" معَانِي الشِّعْرِ"، كِتَابُ" جَامِعِ النَّحْوِ"، كِتَابُ" الصِّيَامِ"، كِتَابُ" أَدَبِ القَاضِي"، كِتَابُ" الرَّدِ عَلَى مَنْ يَقُوْلُ بِخَلْقِ القُرْآنِ"، كِتَابُ" إِعْرَابِ القُرْآنِ"، كِتَابُ" القِرَاءاتِ"، كِتَابُ" الأَنوَاءِ"، كِتَابُ" التَّسْوِيَةِ بَيْنَ العَرَبِ وَالعَجَمِ"، كِتَابُ" الأَشرِبَةِ".ا.هـ.
وقال الألوسي في" مختصر التحفة الاثنى عشرية" ( ص 32 ):" وعبد الله بن قتيبة رافضي غالٍ وعبد الله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة، وقد صنف كتابا سماه بـ" المعارف"، فصنف ذلك الرافضي كتابا، وسماه بالمعارف أيضا قصداً للإضلال.ا.هـ.
ابن قتيبة الرافضي:
رجل من غلاة الرافضة، ألّف كتابًا أسماه" المعارف" تدليسًا على أهل السنة.
4- ابن بَطّة وابن بُطّة
ابن بَطّة (بالفتح):
الإمام عبيد الله بن محمد العكبري الحنبلي (ت 387هـ)، صاحب كتاب" الإبانة الكبرى"
ابن بُطّة (بالضم):
رافضي قمي، محمد بن جعفر بن بطة القمي، له كتب عند الشيعة.
أما ابن بُطة الرافضي فقد ترجم له القمي في" الكنى والألقاب" (1/227) فقال: عند العامة – يقصد أهل السنة – أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن حمدان بن بطة العكبري الحنبلي صاحب" الإبانة" الذي مدحه جمع من علمائهم، وقدحه خطيب بغداد، توفي سنة 387 هـ. وعندنا – يعني الشيعة – أبو جعفر محمد بن جعفر بن بُطة القمي المؤدب الذي ذكره" جش" وقال: كان كبير المنزلة بـ" قم"، كثير الأدب والفضل والعلم الخ. وعن ابن شهر أشوب: الحنبلي بالفتح والشيعي بالضم.ا.هـ.
5- ابن حجر
كثيرًا ما يدلس الرافضة بقولهم" قال ابن حجر"، فيُظن أن المقصود هو الحافظ ابن حجر العسقلاني، صاحب" فتح الباري". لكنهم يقصدون ابن حجر الهيتمي صاحب" الصواعق المحرقة"، وعليه فلابد من التمييز وبيان المراد لئلا يقع اللبس.
رأينا في مناظرات المستقلة كيف دلس ولبس الرافضة في أسماء العلماء، فتجدهم يقولون:" قال ابن حجر"، ولكن مشايخ أهل السنة وخاصة الشيخ عثمان الخميس – حفظه الله – يرد عليهم بسؤال:" من ابن حجر؟".
فيقول:" صاحب الصواعق المحرقة".
فيرد الشيخ عثمان:" صاحب الصواعق المحرقة هو ابن حجر الهيتمي وليس ابن حجر العسقلاني، وعند إطلاقك لاسم ابن حجر فإنه يتبادر إلى الأذهان ابن حجر العسقلاني، وليس ابن حجر الهيتمي. فلا بد من إيضاح من تقصد بكلامك.
وبعد هذا؛ نجد أن مكائد الرافضة كثيرة جداً في حق أهل السنة، والكذب دين يدينون به، وهذه أحدها، وقد عد صاحب" التحفة الاثنى عشرية" جملة من مكائدهم ضد أهل السنة، واختصرها الألوسي في" مختصر التحفة الاثنى عشرية"، فذكر عشرين مكيدة من مكائدهم، ورُد على كل مكيدة بما يناسبها.
اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
النبذة:
هذا المقال يعرض واحدة من أخطر وسائل التدليس عند الرافضة، وهي استغلال تشابه الأسماء بين علماء أهل السنة وبين رجال من الرافضة لإدخال الشبهات والباطل. وقد بيّنا نماذج متعددة لذلك: السدي الكبير والصغير، الطبري السني والرافضي، ابن قتيبة، ابن بطة، وابن حجر. توضح هذه الأمثلة خطورة هذا الأسلوب وضرورة وعي أهل السنة به، حماية لعقيدتهم ومنهجهم.
الكلمات المفتاحية:
الرافضة التدليس تلبيس الأسماء السدي الكبير والصغير الطبري السني والرافضي ابن قتيبة ابن بطة ابن حجر مكائد الشيعة التحفة الاثني عشرية أهل السنة والجماعة