تُعَدّ حادثة رزية يوم الخميس من أبرز المواقف التي استغلها الشيعة للطعن في الصحابة رضي الله عنهم، حيث زعموا أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه منع النبي صلى الله عليه وسلم من كتابة وصية نهائية للمسلمين، وأنه قال: "إن الرجل ليهجر".

ورغم أن هذه الرواية وردت في مصادر سنية بألفاظ مختلفة، إلا أن أهل السنة والجماعة بيّنوا حقيقتها وفسروها بما يليق بمقام النبي صلى الله عليه وسلم، مؤكدين أن قوله "غلبه الوجع" لا يعني الهذيان.

ومن أبرز الروايات التي يستدل بها الشيعة للطعن في الصحابة ما يُعرف بـ"رزية يوم الخميس" أو حديث الدواة والكتف، حيث يزعمون أن النبي ﷺ طلب كتابة وصية لأهل البيت فمنعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال: "إن الرجل ليهجر". وقد أكثروا من نقل هذه الرواية محرفةً ومجتزأة من سياقها، حتى جعلوها ذريعة لاتهام الصحابة بالخيانة ومخالفة أمر رسول الله ﷺ. غير أن الدراسة المتأنية لهذه القصة تكشف تناقضات كثيرة في روايات الشيعة، وتبين أنها منسوجة لإثبات وصية مزعومة بالإمامة، بينما الثابت من الأحاديث الصحيحة أن النبي ﷺ لم يوصِ بوصية خاصة بالإمامة، بل ترك الأمر شورى بين المسلمين، ووصاهم عمومًا بأهل بيته خيرًا 

حديث الدواة والكتف:

يعرض المقال خلفية رواية "حديث الدواة والكتف" كما وردت في مصادر الشيعة مثل كتاب الإرشاد للشيخ المفيد، حيث جاء فيها أن النبي ﷺ طلب دواة وكتفًا ليكتب كتابًا للأمة، فاعترض عمر رضي الله عنه بحجة أن حال النبي ﷺ لا تسمح بالكتابة، فعدّها الشيعة طعنًا في نبوته واتهامًا له بالهجر. ويبين المقال أن هذه الرواية تحمل إشكالات عقلية ونصية عديدة، أبرزها أن النبي ﷺ معصوم عن الهجر والهذيان، وأن الصحابة لا يمكن أن يتفقوا على رد أمره. كما يوضح المقال أن مضمون الرواية يتعارض مع وصايا النبي ﷺ الأخرى التي وردت في الأحاديث الصحيحة، ومنها الأمر بإخراج اليهود من جزيرة العرب، والتمسك بالكتاب والسنة.

 فلما سلم انصرف إلى منزله واستدعى أبا بكر وعمر وجماعة ممن حضر المسجد من المسلمين ثم قال: (ألم آمر أن تنفذوا جيش أسامة؟!)

 

 قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: (فلم تأخرتم عن أمري؟) فقال أبو بكر: إنني كنت خرجت ثم عدت لأجدد بك عهدا.

وقال عمر:

 يا رسول الله، لم أخرج لأنني لم أحب أن أسأل عنك الركب. فقال النبي صلى الله عليه وآله: (فانفذوا جيش أسامة فانفذوا جيش أسامة) يكررها ثلاث مرات.

 ثم أغمي عليه من التعب الذي لحقه والأسف، فمكث هنيهة مغمى عليه، وبكى المسلمون وارتفع النحيب من أزواجه وولده والنساء المسلمات ومن حضر من المسلمين.

فأفاق عليه وآله السلام فنظر إليهم، ثم قال. (ايتوني بدواة وكتف، أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا) ثم أغمي عليه، فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفا فقال له عمر: ارجع، فإنه يهجر!!! فرجع. وندم من حضره على ما كان منهم من التضجيع في إحضار الدواة والكتف، فتلاوموا بينهم فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد أشفقنا من خلاف رسول الله.

 فلما أفاق صلى الله عليه وآله قال بعضهم:

ألا نأتيك بكتف يا رسول الله ودواة؟

فقال: (أبعد الذي قلتم!! لا، ولكنني أوصيكم بأهل بيتي خيرا) ثم أعرض بوجهه عن القوم فنهضوا، وبقي عنده العباس والفضل وعلي بن أبي طالب وأهل بيته خاصة.

الإرشاد للمفيد الجزء الأول ص183 - 184