فتُعَدُّ وقعة الجمل من أهم الوقائع التاريخية في صدر الإسلام، وقد حاول كثير من المؤرخين والمحدثين نقل تفاصيلها من خلال الروايات المختلفة. ومن أكثر الأسانيد التي ترد في هذا الباب رواية سيف بن عمر التميمي، الذي أكثر الطبري من النقل عنه في تاريخه. غير أن المحدثين أجمعوا على أن سيف بن عمر متروك الحديث، بل اتُّهِم بالكذب والوضع، حتى قال فيه ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات". ورغم ذلك ما زال بعض المخالفين يستندون إلى رواياته للطعن في الصحابة أو لتصوير الأحداث على غير حقيقتها ...

ومن أبرز ما رُوي بسنده ما جاء عن "شعيب بن إبراهيم" عن "سيف" في وصف مواقف السيدة عائشة رضي الله عنها يوم الجمل. إلا أن هذه الرواية ساقطة السند، إذ اجتمع فيها سيف بن عمر الكذاب، وشعيب بن إبراهيم الكوفي الذي قال عنه أهل العلم: مجهول الحال، لا يعرف حديثه إلا من طريق سيف، وفيه نكارة وتحامل على السلف.

الرواية:

كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن عطية ابن بِلالٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: اشْتَدَّ الأَمْرُ حَتَّى أَرَزَتْ مَيْمَنَةُ الْكُوفَةِ إِلَى الْقَلْبِ، حَتَّى لَزَقَتْ به، ولزقت مَيْسَرَةَ الْبَصْرَةِ بِقَلْبِهِمْ، وَمَنَعُوا مَيْمَنَةَ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يَخْتَلِطُوا بِقَلْبِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا إِلَى جَنْبِهِمْ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَيْسَرَةُ الْكُوفَةِ وَمَيْمَنَةُ الْبَصْرَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- لِمَنْ عَنْ يَسَارِهَا: مَنِ الْقَوْمِ؟

قَالَ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ:

بَنُوكِ الأَزْدَ، قَالَتْ: يَا آلَ غَسَّانَ! حَافِظُوا الْيَوْمَ جِلادَكُمُ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ بِهِ، وَتَمَثَّلَتْ:

وَجَالَدَ مِنْ غَسَّانَ أَهْلُ حِفَاظِهَا... وَهِنْبٌ وَأَوْسٌ جَالَدَتْ وَشَبِيبٌ

وَقَالَتْ لِمَنْ عَنْ يَمِينِهَا: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، قَالَتْ: لَكُمْ يَقُولُ الْقَائِلُ:

وَجَاءُوا إِلَيْنَا فِي الْحَدِيدِ كَأَنَّهُمْ... مِنَ الْعِزَّةِ الْقَعْسَاءِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ

إِنَّمَا بِإِزَائِكُمْ عَبْدُ الْقَيْسِ فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ مِنْ قِتَالِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَتْ عَلَى كَتِيبَةٍ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: بَنُو نَاجِيَةَ، قَالَتْ: بَخٍ بَخٍ! سُيُوفٌ أَبْطَحِيَّةٌ، وَسُيُوفٌ قُرَشِيَّةٌ، فَجَالِدُوا جِلادًا يُتَفَادَى مِنْهُ ثُمَّ أَطَافَتْ بِهَا بنو ضبة، فقالت: ويها جَمْرَةُ الْجَمَرَاتِ! حَتَّى إِذَا رَقَوْا خَالَطَهُمْ بَنُو عَدِيٍّ، وَكَثُرُوا حَوْلَهَا،

فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: بَنُو عَدِيٍّ، خَالَطْنَا إِخْوَانَنَا، فَقَالَتْ: مَا زَالَ رَأْسُ الْجَمَلِ مُعْتَدِلا حَتَّى قُتِلَتْ بَنُو ضَبَّةَ حَوْلِي، فَأَقَامُوا رَأْسَ الْجَمَلِ، ثُمَّ ضَرَبُوا ضَرْبًا ليس بالتعذير....

تاريخ الطبري

 سيف بن عمر معروف بالكذب ما يحتاج نذكره وهذا يكفي لنسف هذي الشبهة

[517] "شعيب" بن إبراهيم الكوفي:

 راوية كتب سيف عنه فيه جهالة انتهى ذكره ابن عدي وقال ليس بالمعروف وله أحاديث وأخبار وفيه بعض النكرة وفيها ما فيه تحامل على السلف وفي ثقات بن حبان شعيب بن إبراهيم من أهل الكوفة يروى عن محمد بن أبان البلخي روى عنه يعقوب بن سفيان فيحتمل أن يكون هو والظاهر أنه غيره.

لسان الميزان ج 3 ص 154

3704 - شعيب بن إبراهيم الكوفي، راوية كتب سيف عنه، فيه جهالة.

ميزان الاعتدال ج 2 ص 275

2769 - شُعَيْب بن ابراهيم الْكُوفِي الرَّاوِي عَن سيف كتبه فِيهِ جَهَالَة

المغني في الضعفاء ج 1 ص 298