من القضايا التي يكثر فيها الجدل بين أهل السنة والشيعة ما عُرف في كتب الحديث والسيرة بـ حادثة رزية الخميس، حين قال النبي ﷺ وهو في مرض وفاته: «ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً»، فوقع بين الصحابة اختلاف في كيفية التعامل مع الأمر، حتى قال بعضهم: "غلبه الوجع"، وقال آخرون: "قربوا له الكتاب"، فاشتد اللغط، فقال النبي ﷺ: «قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع».

وقد استغل الشيعة هذه الحادثة للطعن في الصحابة رضي الله عنهم، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، زاعمين أنه منع النبي ﷺ من كتابة الكتاب، بل جعلوا منها مدخلاً للتشكيك في عدالة الصحابة. بينما الحقيقة التي تدل عليها نصوص الحديث نفسه أن النبي ﷺ أمر بخروج الجميع دون استثناء، سواء من قال قربوا الكتاب أو من قال غلبه الوجع، مما يبين أن العلة لم تكن في امتناع الصحابة عن إحضار الدواة والكتف، بل في التنازع والاختلاف الذي وقع بينهم.

في هذا المقال نسلط الضوء على هذه الحادثة بموضوعية، ونبين دلالات قول النبي ﷺ «قوموا عني»، ونرد على أبرز الشبهات التي يثيرها الشيعة حولها، مع إبراز التناقضات التي تظهر في دعواهم بشأن موقف علي رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها من هذه الواقعة 

الرد:

واما اعتراض الرافضة على ما جاء في الحديث من قول رسول الله صلى الله عليه (قُومُوا عَنِّي، وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ) فنقول ان هذا فيه دلالة واضحة على طاعة الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم وامتثالهم لقوله، ونقول ان في الحديث قول النبي صلى الله عليه واله وسلم للجميع قوموا عني، اي الذين قالوا قدموا الكتاب، والذين قالوا ان النبي صلى الله عليه واله وسلم غلب عليه الوجع، ولو كان سبب اخراجهم الامتناع عن الاتيان بالكتاب، فلماذا قال النبي صلى الله عليه واله وسلم لمن قال قربوا الكتاب اخرجوا ايضا ؟!!!، فلو كان اخراجهم بسبب عدم الاتيان بالكتاب لكان هذا ظلم لمن قال قربوا الكتاب، والنبي صلى الله عليه واله وسلم منزه عن الظلم، فدل الامر على ان سبب عدم كتابة الكتاب واخراجهم جميعا وهو التنازع واللغط الذي حدث.

لقد أمر النبي صلى الله عليه واله وسلم الجميع بالخروج، فلا يصح لاحد ان يقول ان الاخراج كان لعمر رضي الله عنه، او خاصا بأحد الا ان يأتي بدليل على كلامه، وهنا سؤال يطرح نفسه ايضا الا وهو: هل هناك دليل عند أحد ان النبي صلى الله عليه واله وسلم استثنى من الاخراج علي وفاطمة رضي الله عنهما ؟!!!، وكذلك هل يوجد نص بامتثال علي رضي الله عنه او امتناعه في تقديم الكتاب للرسول الله صلى الله عليه واله وسلم؟ ان كان الجواب نعم امتثل، فنقول اين الدليل؟! وهل كتب له النبي صلى الله عليه واله وسلم اي شيء في هذا الكتاب؟ ان كان نعم فأين هذا الذي كتبه النبي صلى الله عليه واله وسلم؟! وهل كتمه علي رضي الله عنه ام بثه؟! ان كتمه فلا يجوز الكتمان، وان بثه، فنقول لمن؟!!!، وان قالوا لم يمتثل فنطالب بالدليل على ذلك، ونسأل ما هو حكمه؟!