من القضايا التي يثيرها الشيعة الإمامية للطعن في الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، قضية الخمس وسهم أهل البيت، حيث يزعمون أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد امتنع عن إعطاء ذوي القربى سهمهم من الخمس، مخالفًا بذلك حكم الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: 41].
مقالات السقيفة ذات صلة: |
- تطور فكرة متولي الخمس عبر التاريخ الشيعي |
وهذه الشبهة تتكرر في كتبهم ومناظراتهم، وكأنها مسلّمة لا تحتمل النقاش. إلا أنّ التحقيق العلمي في هذه المسألة يكشف أن ما قام به عمر رضي الله عنه إنما هو موافقة تامة لسنّة النبي ﷺ، ولما سار عليه أبو بكر رضي الله عنه من بعده، إذ كانوا يُعطون ذوي القربى من الخمس على سبيل الصدقة والإعانة للفقراء والمحتاجين منهم، ولم يكن الأمر على أنه عطية ثابتة لكل فرد من أهل البيت غنيًا كان أو فقيرًا.
وقد وردت في ذلك روايات صحيحة عن الإمام الباقر رحمه الله، تؤكد أن عليًا رضي الله عنه نفسه قد سلك في هذا الباب مسلك أبي بكر وعمر، بل وصرّح أن أهل بيته ما كانوا يصدرون إلا عن رأيه، لكنه كره أن يُنسب إليه مخالفة سلف الأمة، مما يدل على أن المسألة لم تكن كما يصورها الشيعة من حرمان أو ظلم، بل التزام بمنهج النبي ﷺ في توزيع الأموال وفق ما تقتضيه المصلحة العامة والعدل
أن عمر لم يعط أهل البيت سهمهم من الخمس:
وقد أورد الشيعة شبهة مفادها أن عمر لم يعط أهل البيت سهمهم من الخمس الثابت بقوله تعالى )﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ فقد خالف حكم الله تعالى.
والجواب:
أن فعل عمر موافق لفعل النبي e. وذلك أن أبا بكر وعمر كانا يخرجان سهم ذوى القربى من الخمس ويعطيانه لفقرائهم ومساكينهم كما كان يفعل ذلك رسول الله e
قال البيهقي:
«أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا عارم بن الفضل ثنا حماد بن زيد عن محمد بن إسحاق: قال سألت أبا جعفر يعني الباقر كيف صنع علي رضي الله عنه في سهم ذي القربى قال سلك به طريق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قال قلت وكيف وأنتم تقولون ما تقولون قال أما والله ما كانوا يصدرون إلا عن رأيه ولكنه كره أن يتعلق عليه خلاف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما».
وفي رواية أحمد بن خالد الوهبي قال «أما والله ما كان أهل بيته يصدرون إلا عن رأيه ولكن كان يكره أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما».
قال البيهقي: «وكذلك رواه سفيان الثوري وسفيان بن عيينة عن بن إسحاق».
رواه البيهقي في (السنن الكبرى6/343). وفي (معرفة السنن والآثار11/92). وقد قيل بأن الشافعي ضعف هذه الرواية بناء على ما كان يعلمه من مخالفة علي لأبي بكر في هذه المسألة من غير أن يتعرض للسند بأي علة.