من الشبهات التي يثيرها الشيعة الإمامية للطعن في أهل السنة والجماعة وتبرير ممارساتهم المالية المتعلقة بالخمس، استدلالهم بحديث «غنيمة مجالس الذكر الجنة» لإثبات أن لفظ الغنيمة لا يختص بغنائم الحرب، وإنما يشمل كل ما يتحصل عليه الإنسان من نفع دنيوي أو أخروي. ومن ثمّ يحاولون إدخال الأموال التي يأخذونها تحت اسم الخمس في هذا المفهوم.
غير أن التحقيق العلمي يبين أن هذا الاستدلال باطل من وجوه عدة: أولها أن الحديث الذي يروونه ضعيف الإسناد، إذ فيه عبد الله بن لهيعة، وقد حكم عليه غير واحد من العلماء بالضعف، بل نص شيخ المحدثين الألباني على ضعفه في ضعيف الجامع. ثانيها أن سياق الآيات في سورة الأنفال صريح في أن المراد بالغنيمة غنائم الحرب خاصة، إذ نزلت السورة بعد معركة بدر، واشتملت على تفصيل أحكام تقسيم الغنائم بين المقاتلين والدولة وبيت المال. ثالثها أن لغة العرب نفسها تفرق بين الغنيمة في الاستعمال الشرعي وبين استعمالها المجازي أو اللغوي، فالأصل عند الإطلاق في نصوص الشريعة أن الغنيمة هي ما أُخذ من أموال الكفار بالقتال، وما عدا ذلك لا يُلحق بها إلا بدليل صحيح ثابت.
وعليه، فإن بناء عقيدة مالية كاملة كالخمس على حديث ضعيف أو على تأويل لغوي بعيد هو من أعظم صور التلبيس على الناس. وإنما كان المقصود من الحديث إن صحّ التنبيه على فضل مجالس الذكر وتشبيه ما يُحصّل منها من الثواب بما يُحصّل من غنائم الحرب من فائدة دنيوية، ولا علاقة له بأحكام الأموال الشرعية. وهذا ما اتفق عليه جمهور العلماء والمفسرين، مما يسقط استدلال الشيعة من أصله

الرواية:

حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن ثنا بن لهيعة ثنا راشد بن يحيى المعافري انه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يحدث عن عبد الله بن عمرو قال قلت: «يا رسول الله ما غنيمة مجالس؟ الذكر قال غنيمة مجالس الذكر الجنة الجنة».

رواه أحمد في (المسند2/177) والهيثمي في (مجمع الزوائد10/78). وحكم عليه الهيثمي والحافظ المنذري بالحسن.

والحديث ضعيف. وفيه عبد الله بن لهيعة. وحكم عليه شيخنا الألباني بالضعف (ضعيف الجامع3923).

ويحتج به الشيعة على أن لفظ الغنيمة يطلق على غير غنائم الحرب، وذلك حتى يدخلوا الأخماس التي يأكلونها بالباطل في مسمى الغنيمة. وقد نزلت سورة الأنفال متعلقة بغنائم الحرب وتضمنت آية الخمس كما نبهت في مقدمة هذا الباب.