من أكثر ما يعتمد عليه الشيعة في محاولتهم تحريف دلالة لفظ الغنيمة عن معناها الشرعي الواضح في القرآن، استدلالهم ببعض الأحاديث الضعيفة أو المرسلة التي ورد فيها لفظ الغنم أو الغنيمة في غير سياق الحرب. ومن أبرز ما يذكرونه في هذا الباب حديث: «لا يغلق الرهن، له غنمه وعليه غرمه» الذي أورده الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى.
غير أن أهل الحديث قد بينوا بجلاء أن طرق هذا الحديث كلها معلولة بالإرسال، وأنه لا يثبت مرفوعًا إلى النبي ﷺ. فقد قال الشافعي إن إسناده متصل، إلا أن الحافظ ابن حجر تعقب ذلك، موضحًا أن المحفوظ عند أبي داود هو الإرسال، بل أدرجه أبو داود في كتاب المراسيل. وأكد الشيخ الألباني في إرواء الغليل أن جميع طرقه لا تخلو من علة، وأنه ليس فيها ما يسلم من ضعف، بل ختم قوله: "وجملة القول أنه ليس في هذه الطرق ما يسلم من علة"
مقالات السقيفة ذات صلة: |
- تطور فكرة متولي الخمس عبر التاريخ الشيعي |
وقد قرر جمهور المحدثين أن المرسل لا تقوم به حجة، كما هو مذهب النووي، ونقله عن أكثر أئمة النقد، ومنهم الإمام مسلم في مقدمة صحيحه. بل إن الحافظ نقل عن الإسفراييني قوله: "إذا قال التابعي قال رسول الله ﷺ فلا يعد شيئًا، ولا يقع به ترجيح فضلًا عن الاحتجاج به".
وعليه، فاستدلال الشيعة بهذا الحديث لتوسيع مدلول الغنيمة ليشمل غير غنائم الحرب هو استدلال باطل من جهة السند والدلالة، لأن الحديث ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة، ولو فرض صحته فالمقصود بالغنم هنا العائد أو الفائدة الخاصة بالرهن، لا الغنائم الشرعية التي هي محل النص في سورة الأنفال.
لكن عبد الحسين شرف الدين وأمثاله في كتبهم مثل المراجعات دأبوا على التلبيس، فاستعملوا هذه النصوص المرسلة ليجعلوا منها أسانيد صحيحة، مخالفين بذلك قواعد علم الحديث ومنهج النقد الذي أجمع عليه الأئمة. ومن هنا يتضح أن مقصدهم تحريف النصوص الشرعية لتسويغ أكل الخمس بالباطل تحت ذريعة أن الغنيمة تطلق على غير الحرب، وهو باطل شرعًا ولغةً.
لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه:
حدثنا أبو الوليد الفقيه ثنا إبراهيم بن أبي طالب ويحيى بن محمد بن صاعد قالا ثنا عبد الله بن عمران العابدي ثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قال رسول الله e لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه».
رواه الحاكم في (المستدرك5/421) والبيهقي في السنن الكبرى6/39).
وقال الشافعي بأن إسناده متصل، إلا أن الحافظ تعقبه قائلا بأن المحفوظ عند أبي داود إرساله» (بلوغ المرام1/327). قلت: أدرجه أبو داود في (المراسيل187).
وبالجملة: فطرق هذا الحديث كلها معلولة بالإرسال. وقد أعلها الشيخ الألباني كلها بالإرسال وأطال في متابعاته ثم قال «وجملة القول أنه ليس في هذه الطرق ما يسلم من علة (إرواء الغليل5/239 ح رقم1406).
والجمهور على أن المراسيل لا تقوم بها حجة ولا يجوز معارضة الثابت القطعي بها، وهو مذهب النووي في التقريب. ونسبه لأكثر الأئمة من حفاظ الحديث ونُقّاد الآثار، وهو قول مسلم كما في (صحيحه1/30).
منهم من قبله بشروط كالشافعي، والحافظ في النكت نقلاً عن الاسفراييني:
«إذا قال التابعي: قال رسول الله «فلا يُعَدّ شيئًا ولا يقع به ترجيح فضلاً عن الاحتجاج به»
(النكَت 2/545)]
لا سيما إذا أراد مبطل مخالفة القرآن بها.
وهذا من أعظم كذب وتدليس عبد الحسين وليس. فهو يستعمل هذه العبارة في كتابه المراجعات ليجعل من مراسيلنا أسانيد صحيحة.
والشيعة يستدلون بهذا الحديث ليسلم لهم قولهم بأن لفظ الغنيمة تطلق على غير غنائم الحرب.