لم تقف أكاذيب الغلاة من الشيعة عند حدود الغلو في مقام الأئمة أو نسبة علم الغيب إليهم، بل تجاوزت إلى مسائل عجيبة وغريبة تمس أصول الطهارة والعبادة، بل وحتى الأطعمة والأشربة، بصورة تخالف الفطرة السليمة، والعقل الصريح، ونصوص القرآن والسنة. فقد امتلأت كتبهم كـ"الكافي"، و"تهذيب الأحكام"، و"من لا يحضره الفقيه" بروايات مكذوبة على الإمام محمد الباقر وابنه جعفر الصادق رضي الله عنهما، تتناول أحكامًا شاذة مثل عدم تحريم الزوجة على من زنى بأمها أو أختها، وجواز صلاة الجنازة بلا وضوء حتى للحائض والجنب، والتساهل مع نجاسات الخنزير والفأرة والكلب إذا وقعت في الماء أو السمن أو الزيت. بل وصل بهم الأمر إلى القول بجواز استعمال جلود الميتة في الماء والطعام، وأكل ما خالط النجاسات، بل ونسبوا إلى الإمام الباقر أنه أفتى بوجوب الجنة لمن أكل لقمة خبز وجدت في القذر! هذه الأكاذيب لا تسيء إلى الأئمة وحدهم، بل تشوّه صورة الإسلام وتعاليمه، وتُظهر الدين كأنه دعوة للنجاسة واللامعقول، وهو براء من ذلك. إن استعراض هذه الروايات العجيبة يفضح منهج الوضاعين الذين دسّوا على آل البيت، ويكشف كيف انحرفت كتب الشيعة عن هدي القرآن والسنة، ليكون واجبًا على المسلم أن يحذر منها وينكرها... 

عجائب وغرائب

ومن مسائلهم الغريبة، وأكاذيبهم العجيبة أنهم نقلوا عن محمد الباقر أنه قال في رجل زنى بأم امرأته أو ابنتها أو أختها: لا يحرم ذلك عليه امرأته"

["الفروع من الكافي" ج5 ص416].

وأيضاً رووا عنه أنه قال:

إذا زنى رجل بامرأة أبيه أو جارية أبيه فإن ذلك لا يحرمها على زوجها، ولا تحرم الجارية على سيدها"

["الفروع من الكافي" ص419].

هذا ومثل هذا كثير.

 

ومن المسائل الشنيعة العجيبة الغريبة أنهم قالوا:

 إن صلاة الجنازة جائزة بغير وضوء كما كذبوا على جعفر أنه قال على جواب سائل سأله عن الجنازة "أصلي عليه بغير وضوء؟ فقال: نعم"

["الفروع من الكافي" ج3 ص178، أيضاً "من لا يحضره الفقيه" ج1 ص170].

وكتب المحشي تحته "أجمع علماؤنا على عدم شرط هذه الصلاة بالطهارة" ونقل عن "التذكرة" وليست الطهارة شرطاً بل يجوز للمحدث والحائض والجنب أن يصلوا على الجنازة مع وجود الماء والتراب والتمكن، ذهب إليه علماؤنا أجمع"

["الفروع من الكافي" الهامش ص178 أيضاً].

ورووا عن جعفر محمد الباقر أنه قال: إن الحائض تصلي على الجنازة.

وذكروا أيضاً أن أبا جعفر محمد الباقر وابنه جعفر سئلا:

إنا نشتري ثياباً يصيبها الخمر وودق الخنزير أبعد حكها نصلي فيها قبل أن نغسلها؟ فقالا: نعم! لا بأس، إنما حرم الله أكله ولم يحرم لبسه ومسه والصلاة فيها"

["من لا يحضره الفقيه" ج1 ص170].

هذا ويجعل الحبل من شعر الخنزير ويستقى به الماء من البئر يجوز الوضوء منه كما رووا عن زرارة أنه قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر هل يتوضأ من ذلك الماء؟ قال: لا بأس"

["تهذيب الأحكام" ج1 ص409].

وأيضاً رووا عن جعفر أنه قال:

إن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة، قال: يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل"

["الفروع من الكافي" كتاب الطهارة ج3 ص7].

كما رووا عن جعفر أيضاً "أنه سئل عن الفأرة والكلب يقع في السمن والزيت ثم يخرج منه حياً؟ فقال: لا بأس بأكله"

 ["الفروع من الكافي" كتاب الأطعمة ج2 ص161].

هذا ومن ناحية أخرى شددوا إلى أن قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحم الفحل وقت اغتلامه" - أي وقت شهوته

["الفروع من الكافي" كتاب الأطعمة ج6 ص260].

وهذا تكليف ما لا يطاق لأنه لا يدري أحد أكان الفحل المذبوح في الشهوة أم لا؟

وهناك تيسير ورخصة أكثر من اللزوم حيث نقلوا عن جعفر بن الباقر أنه سئل عن الفأرة والسنور والدجاجة والطير والكلب تقع في البئر؟ قال: ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء"

["الفروع من الكافي" كتاب الطهارة ج3 ص5].

وسئل جعفر أيضاً عن البئر يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة، فقال: لا بأس به إذا كان فيها ماء كثير"

 ["تهذيب الأحكام" ج1 ص416، أيضاً "الاستبصار" ج1 ص42].

كما نقلوا عنه أيضاً أنه "سئل الصادق عليه السلام عن جلود الميتة يجعل فيها الماء والسمن ما ترى فيه؟ فقال: لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن، وتتوضأ منه وتشرب"

[كتاب من لا يحضره الفقيه" لابن بابويه القمي ج1 ص11].

كما قالوا أيضاً إن سقطت في رواية ماء فأرة أو جرو أو صعوة ميتة فتنفخ فيها لم يجز شربه ولا الوضوء منه، وإن كان غير متفسخ فلا بأس بشربه والوضوء منه، وتطرح الميتة إذا خرجت طرية، وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء"

[كتاب من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي ج1 ص14].

ورووا عن جعفر بن الباقر أنه قال:

لو أن ميزابين سالا أحدهما ميزاب بول والآخر ميزاب ماء، فاختلطا، ثم أصابك ما كان به بأس"

 ["الفروع من الكافي" ج3 ص12، 13، أيضاً "تهذيب" ج1 ص42].

كما رووا عنه أيضاً أنه قال له أحد: اغتسل في مغتسل يبال فيه ويغتسل من الجنابة، فيقع في الإناء ماء فينزو من الأرض؟ فقال: لا بأس به"

 ["الفروع من الكافي" ج3 ص14].

وروى القمي في كتابه "أن أبا جعفر الباقر عليه السلام دخل الخلاء، فوجد لقمة خبز في القذر، فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك كان معه، فقال: تكون معك لآكلها إذا خرجت، فلما خرج عليه السلام قال للمملوك: أين اللقمة؟ أكلتها يا ابن رسول الله، فقال: إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة، فاذهب أنت حر، فإني أكره أن استخدم رجلاً من أهل الجنة"

["كتاب من لا يحضره الفقيه" باب أحكام التخلي ج1 ص27].

وهذه هي أكاذيب القوم أنهم يمنحون صكوك المغفرة على أكل القذرة والخبز.