لم يزل أئمة الإسلام وعلماؤه عبر القرون يتصدّون للشبهات والطعون التي يثيرها أهل الأهواء ضد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حماية لجناب الصحابة الذين هم نقلة الوحي وحملة الشريعة. ومن أخطر ما وقع فيه الرافضة طعنهم في الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بالسخرية والاستهزاء واللعن، بل والتمثيل به على صور باطلة قبيحة. وقد جاءت فتاوى العلماء صريحة في التحذير من هذه الجريمة العظيمة، مبينة أن من ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو زنديق أراد هدم الدين، إذ لم يصلنا القرآن والسنة إلا عن طريقهم.
تَنَقُصُ الرَّوَافِضِ لِعُمَرَ الخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ:
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم علي بن محمد المطوع المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد وصل إلينا كتابك المؤرخ الذي ذكرت فيه ما أجراه بعض الروافض عندكم أنهم صوروا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه صورا مجسمة تجسيمًا كاملاً وزينوه بلباس فاخر بحليته وعمامته، وجعلوا له ذيلا يستهزءون به في مجالسهم، ويرقصون حواليه ويلعنونه. ثم أتوا بولد ابن عشرين سنة وأتوا بمطوعهم ليعقدوا للولد على عمر، ويجعلونه مثل الذين تعرفون، ثم عثرت عليهم الشرطة فمسكتهم وأودعوا السجن وتسأل:
عم يجب في حقهم شرعًا؟
الجواب:
عما ذكرتم من هذا الأمر العظيم من فعل هؤلاء الروافض وتهجمهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اختارهم الله لصحبة رسوله فقاموا معه خير، قیام وآمنوا به وهاجروا وجاهدوا معه، ونصروه وبذلوا في سبيل ذلك مهجهم وأولادهم وأوطانهم وأموالهم، وفدوه صلى الله عليه وسلم بجميع ذلك.
قال أبو زرعة العراقي:
إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من الصحابة، فاعلم أنه زنديق، وذلك أن القرآن، حق والرسول، حق وما جاء به حق، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة، فمن جرحهم؛ فقد أراد إبطال الكتاب والسنة فإذا كان هذا في حق سائر الصحابة، فما بالك بأمير المؤمنين عمر بن الله عنه الخطاب رضي الذي هو أفضل الصحابة وأجلهم بعد الصديق بإجماع الأمة والبراهين القاطعة والذي وردت في فضله الأحاديث الكثيرة والأخبار الشهيرة ففي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكا فا إلا سلك فجا غير فجك».
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقد كان فيمن كان قبلكم محدثون؛ فإن يكن في أمتي، أحد فهو عمر». أي: ملهمون.
وروى الترمذي عن أبن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه».
وأخرج الترمذي أيضًا عن عقبة بن عامر مرفوعًا: «الو كان بعدي نبي لكان عمر» والأحاديث والآثار في هذا كثيرة معروفة.
وهؤلاء الروافض قد ارتكبوا بهذا الصنيع عدة جرائم شنيعة:
منها الاستهزاء بأفاضل الصحابة رضوان الله عليهم وسبهم ولعنهم، ومنها التصوير والتصوير من كبائر الذنوب الملعون فاعلها مع أنهم لم يصوروه على خلقته رضي الله عنه، بل صوروه صورة بهيمة وجعلوا له ذيلاً لتمام السخرية والاستهزاء قبحهم الله وما أعظمها وأقبحها وأفظعها وأفحشها! ومنها تهجمهم عليه ووقاحتهم حتى أتوا برجل يعقدون له النكاح عليه قبحهم الله وأخزاهم! وهذا يدل على خبثهم وشدة عداوتهم للإسلام والمسلمين، فيجب على المسلمين الأفاضل أن يغاروا لأصحاب رسول الله وأن يقوموا على هؤلاء الروافض قيام صدق لله تعالى ويحاكموهم محاكمة قوية دقيقة، ويوقعوا عليهم الجزاء الصارم البليغ سواء كان القتل أو غيره حسبما يراه الحاكم بنظره المصلحي الشرعي والمأمول من ولاة الأمور عندكم وفقهم الله وهداهم القيام حول ما ذكر بما يلزم شرعا بالضرب على هؤلاء بيد من حديد غيرة لديننا وخيار سلفنا وزجرًا لمن تسول له نفسه مثل صنعهم ونسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويذل أعداءه ويوفق ولاة الأمر لما فيه عز الإسلام والمسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى وآله وصحبه وسلم.
(ص - ف - 181 – 22 / 2/ 1384)
فتاوى ابن إبراهيم 13/248]