لم يسلم النبي صلى الله عليه وسلم ولا أهل بيته الأطهار من افتراءات الشيعة الإمامية الذين زعموا أنهم وحدهم شيعتهم وموالوهم. فمع ادعائهم حبهم واتباعهم، نراهم يكذبون عليهم كذبًا شنيعًا، وينسبون إليهم ما يخالف كتاب الله وسنة رسوله، رغم أن الثابت عن علي رضي الله عنه وأبنائه من الأئمة أنهم كانوا يوصون باتباع الكتاب والسنة وردّ ما خالفهما. وقد رووا بأسانيدهم أن الأئمة نفسهم حذروا من قبول روايات تخالف القرآن والسنة، بل أمروا بردها وعدم الأخذ بها. غير أن القوم لم يلتزموا بذلك، فامتلأت كتبهم بالقصص والأساطير التي تهدم الدين وتفتح أبواب الضلال، حتى صاروا ألدّ أعداء لأهل البيت وهم يزعمون موالاتهم.
﴿إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء﴾ فإنهم مع ادعائهم حب أهل البيت وموالاتهم ليسوا إلا مبغضي أهل البيت وأعدائهم، يخالفون أوامرهم ويأتون منهياتهم، ينكرون المعروف ويتأتون المنكر، ويبغضون أحباءهم ويتوددون إلى أعدائهم، يطاوعون الأهواء والنفس الأمارة بالسوء، ولا يتركونها ولا يعصونها، وفوق ذلك يختلقون القصص والأساطير والأكاذيب على أهل البيت، ويفترونها وينسبونها إليهم، ما أنزل الله بها من سلطان، يريدون من ورائها أغراضاً ذاتية وإرواء النفس من شهواتها، وملذاتها، رواجاً لمذهبهم، وجلباً لأوباش الناس إلى دينهم الذي هم كوّنوه واخترعوه أنفسهم، فيخسرون الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين، لأن الصالحين من أهل البيت لم يقولوا شيئاً يخالفه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي أن ينسب إليهم ما يخالفه الكتاب والسنة، لأن أهل البيت كغيرهم من المسلمين لم يؤمروا إلا أن يعملوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام وأن يتمسكوا بهما، من الله في محكم كتابه ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾ [النساء:59].
﴿ أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون﴾ [سورة الأنفال الآية20].
﴿ وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون﴾ [سورة آل عمران الآية132].
﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً﴾ [الأحزاب الآية36].
ومن الرسول عليه السلام في سنته الثابتة عند الجميع (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي).
والمتعرف به عند علي رضي الله عنه وأولاده كما روى عنه الثقفي في كتابه (الغارات) (إن علياً كتب إلى مسلمي مصر كتاباً أرسله إليهم مع قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الذي استعمله على مصر، يدعوهم إلى بيعته بقوله (ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسوله) [(كتاب الغارات) للثقفي ج1 ص211 تحت عنوان (ولاية قيس بن سعد)].
ثم يذكر (لما فرغ من قراءة الكتاب قام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري خطيباً فحمد الله وأثنى عليه …. - إلى أن قال -: فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة نبيه. فإن نحن لم نعمل فيكم بكتاب الله وسنة رسوله فلا بيعة لنا عليكم فقاموا فبايعوا فاستقامت له مصر) [(كتاب الغارات) ص211، 212].
مقالات السقيفة ذات صلة: |
كما كتب عليّ بنفس هذا الكلام في كتابه إلى أهل البصرة (من عبد الله أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابي هذا من ساكني البصرة المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، أما بعد!….. فإن تفوا ببيعتي، وتقبلوا نصيحتي، وتستقيموا على طاعتي أعمل فيكم بالكتاب والسنة) [(الغارات) للثقفي ج2 ص403].
وقال رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة) [(الكافي في الأصول) للكليني ج1 ص70 كتاب فضل العلم].
وأحد أبنائه وإمام من أئمة الشيعة السادس المعصوم حسب زعمهم يقول: ما من شيء إلا وفيه كتاب أو سنة) [(الكافي في الأصول) ج1 ص59 باب الرد إلى الكتاب والسنة وإنه ليس شيء من الحلال والحرام إلا وقد جاء فيه كتاب أو سنة وأيضاً نقل مثل هذا عن أبيه المغنية في كتابه (الشيعة في الميزان) ص56].
وقال أيضاً: من خالف كتاب الله وسنة محمد فقد كفر) [الأصول من الكافي ج1 ص70].
وعن أبيه الباقر - الإمام المعصوم الخامس لديهم - أنه قال:
كل من تعدى السنة رد إلى السنة) [(الأصول من الكافي) ج1 ص71].
وعن أبيه علي بن الحسين - الإمام الرابع - أنه قال: إن أفضل الأعمال عند الله ما عمل بالسنة وإن قل) [(الأصول من الكافي) ج1 ص70].
هذا، ولم يكتفوا بهذا حتى أنهم قالوا أكثر من ذلك وأصرح كما رواه الكشي عن جعفر بن الباقر أنه قال: فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عز وجل وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) [(رجال الكشي) ص195 تحت تذكرة المغيرة بن سعيد ط كربلاء].
ولذلك أمر متبعيه ومن ادعى متابعته: لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنة) [(رجال الكشي) ص195].
وقبله أبوه نبه على ذلك وقال:
وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فان وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به وإن لم تجدوه موافقاً فردوه) [(الأمالي) للطوسي ج1 ص237 ط نجف].
وقبله بيّن هذه القاعدة الأصلية علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله: فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه) [(الأمالي) ص221].
ومثل هذا روى الباقر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله عز وجل وسنتي، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوه، وما خالف كتاب الله فلا تأخذوه) [(الاحتجاج) للطبرسي ص229 احتجاج أبي جعفر في أنواع شتى].
فذلك ما أمر الله به وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه هي التعاليم التي علمناها من أهل البيت أئمة الشيعة - المعصومين حسب زعمهم -.
وفى ضوء هذا وذاك نرى أن الشيعة ماذا يعتقدون، وماذا ينسبون إلى أهل البيت، وهل نسبتها إليهم صحيحة أم غير صحيحة؟ وهل إنهم صادقون في القول أم كاذبون، يفترون عليهم ما لم يتقولوه، ويكذبون عليهم ما لم يتصوروه؟
فنبدأ بسيد الكونين ورسول الثقلين، إمام القبلتين وصاحب الحرمين فداه أبواي وروحي عليه الصلاة والسلام، فإنه كذبوا عليه وما أكثره، وافتروا عليه وما أقبحه، وتبوؤا مقعدهم من النار