تُعدُّ عقيدة الرجعة من أبرز المعتقدات التي ينفرد بها مذهب الإمامية الاثني عشرية عن سائر الفرق الإسلامية. فهي قضية جدلية أثارت نقاشات واسعة بين علماء الشيعة أنفسهم، فضلاً عن كونها مثار جدل مع عموم الأمة الإسلامية. وتكشف نصوص كبار أعلام الإمامية – مثل الشيخ المفيد، والمظفر، وجعفر مرتضى – عن اختلافات وتناقضات في تحديد معنى الرجعة وحدودها: هل هي خاصة بأمة محمد ﷺ أم تشمل أمماً سابقة؟ هل هي مقصورة على محض الإيمان والكفر، أم أوسع من ذلك؟
ونتناول جذور فكرة الرجعة عند الإمامية، وعرض أقوال علماء الشيعة من المصادر المعتبرة لديهم، مع إبراز التناقضات الداخلية في تحديد طبيعتها، ومقاصدها، وأثرها في الفكر العقدي.
من مقالات السقيفة:
الروايات والآيات الواردة في ذم الكذب
صيغة الجمع في آية الولاية بين النص والتأويل
قصة استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه
قال المفيد: " فصل:
في من يرجع من الأمم والرجعة عندنا تختص بمن محض الإيمان ومحض الكفر، دون ما سوى هذين الفريقين، فإذا أراد الله تعالى على ما ذكرناه أوهم الشيطان أعداء الله عز وجل إنما ردوا إلى الدنيا لطغيانهم على الله، فيزدادوا عتوا، فينتقم الله تعالى منهم بأوليائه المؤمنين، ويجعل لهم الكرة عليهم، فلا يبقى منهم أحد إلا وهو مغموم بالعذاب والنقمة والعقاب وتصفو الأرض من الطغاة، ويكون الدين لله تعالى. والرجعة إنما هي لممحضي الإيمان من أهل الملة وممحضي النفاق منهم دون من سلف من الأمم الخالية " اهـ
المسائل السروية - المفيد - ص 35
ولقد تناقض المفيد مع نفسه حيث خص الرجعة في هذه الامة دون غيرها من الامم، ولكنه ذكر عن الامام الصادق في الارشاد رجوع اناس من الامم السابقة في عصر المهدي.
من مقالات السقيفة:
الولاية التكوينية عند علماء الشيعة
حيث قال: "رَوى المفضَّلُ بن عمر، عن أَبي عبدالله عليه السلامُ قالَ: «يُخْرِجً القائمُ عليه السلامُ من ظَهْرِ الكوفةِ سبعةً وعشرينَ رَجلاً، خمسةَ عشرَ من قومِ موسى عليه السلامُ الذينَ كانوا يَهْدونَ بالحقِّ وبه يَعْدِلُونَ، وسَبْعةً من أَهلِ الكهفِ، ويوشعَ بن نون، وسلمانَ، وأَبا دجانة الأنصاري، والمقدادَ، ومالكاً الأشتر، فيكونونَ بين يَديه أَنصاراً وحكاماً» " اهـ.
الإرشاد - المفيد – ج 2 ص 386
قال جعفر مرتضى:
" والرجعة عبارة عن حشر قوم عند قيام القائم ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويبتهجوا بظهور دولته وقوم من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب والقتل على أيدي شيعته وليبتلوا بالذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته وهي عندنا تختص بمن محض الإيمان ومحض الكفر والباقون مسكوت عنهم كما وردت به النصوص الكثيرة" اهـ.
مأساة الزهراء - جعفر مرتضى - ج 1 - هامش ص 103
وقال المظفر:
" 32 - عقيدتنا في الرجعة إن الذي تذهب إليه الإمامية أخذا بما جاء عن آل البيت عليهم السلام أن الله تعالى يعيد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعز فريقا ويذل فريقا آخر، ويديل المحقين من المبطلين والمظلومين منهم من الظالمين، وذلك عند قيام مهدي آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام" اهـ
عقائد الإمامية - محمد رضا المظفر - ص 80
وقال المفيد:
"10 - القول في الرجعة والبداء وتأليف القرآن واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيمة وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف" اهـ.
أوائل المقالات - المفيد - ص 46