ألفاظ الأذان من الشعائر الظاهرة التي نقلها الصحابة رضي الله عنهم بدقة عن رسول الله ﷺ، ومع ذلك وردت روايات فيها ذكر زيادة "حي على خير العمل" في الأذان، نُقلت عن بعض الصحابة والتابعين كابن عمر وعلي بن الحسين رضي الله عنهم.
وقد اختلف العلماء في ثبوت هذه الزيادة، فمنهم من رأى أنها اجتهاد من بعض الصحابة، ومنهم من بيّن ضعف المرفوع فيها. وفي هذا المقال نستعرض أهم الروايات الواردة في هذه المسألة، مع أقوال الأئمة حولها، لنقف على حكمها ومدى صحتها.
مقالات السقيفة ذات صلة:
تفسير قوله: ﴿إِن...... يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ على منهج أهل السنة
شبهة: ثم استوى على العرش في قوله:"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ") …
التفسير الشيعي لآية ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾
1991 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ فِي النِّدَاءِ ثَلَاثًا وَيَشْهَدُ ثَلَاثًا وَكَانَ أَحْيَانًا إِذَا قَالَ: حِيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ: عَلَى إِثْرِهَا حِيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ [ص:625] وَرَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رُبَّمَا زَادَ فِي أَذَانِهِ: حِيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ
1992 - كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُؤَذِّنُ فِي سَفَرِهِ وَكَانَ يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، وَأَحْيَانًا يَقُولُ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ" وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي أَذَانِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ نُسَيْرُ بْنُ ذُعْلُوقٍ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ: فِي السَّفَرِ، وَرُوِي ذَلِكَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
1993 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، كَانَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ إِذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ: "حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ وَيَقُولُ هُوَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ"
1994 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْفَهَانِيُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رُسْتَةَ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، وَعَمَّارٍ وَعُمَرَ ابْنِي حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ آبَائِهِمْ عَنْ أَجْدَادِهِمْ عَنْ بِلَالٍ، أَنَّهُ كَانَ "يُنَادِي بِالصُّبْحِ فَيَقُولُ: حِيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ وَتَرْكَ حِيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ" قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذِهِ اللفظةُ لَمْ تَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا عَلَّمَ بِلَالًا وَأَبَا مَحْذُورَةَ وَنَحْنُ نَكْرَهُ الزِّيَادَةَ فِيهِ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
السنن الكبرى للبيهقي باب ماروي في حي على خير العمل 1/624
1797 - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ "يُقِيمُ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ يَقُولُهَا مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلَاثًا - يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ"
مصنف عبدالرزاق الصنعاني باب بدء الاذان 1/464
92 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي النِّدَاءِ ثَلاثًا وَيَتَشَهَّدُ ثَلاثًا، وَكَانَ أَحْيَانًا إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، قَالَ عَلَى إِثْرِهَا حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ».
قَالَ مُحَمَّدٌ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ يَكْوُنُ ذَلِكَ فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ النِّدَاءِ، وَلا يَجِبُ أَنْ يُزَادَ فِي النِّدَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ
موطأ مالك رواية محمد بن الحسن الشيباني باب الاذان والتثويب 1/55
1071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ الْمَكِّيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرَ، وَعَمَّارٍ، ابْنَيْ حَفْصٍ، عَنْ آبَائِهِمْ، عَنْ أَجْدَادِهِمْ، عَنْ بِلَالٍ، أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَيَقُولُ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا: «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ» وَتَرَكَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ
المعجم الكبير للطبراني 1/352
2239 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: نا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَمُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ، كَانَ يُؤَذِّنُ، فَإِذَا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: «حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ»، وَيَقُولُ: «هُوَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ»
2240 - حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ: «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ»، وَرُبَّمَا قَالَ: «حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ»
2241 - حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ، زَادَ فِي أَذَانِهِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ»
مصنف ابن ابي شيبة باب من كان يقول في اذانه حي على خير العمل ج 1/195
قال ابن أبي شيبة:
وثنا أبو أسامة: ثنا عبيد الله، عن نافع، قال: كان ابن عمر ربما زاد في اذانه: "حي على خير العمل".
وثنا أبو خالد، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، انه كان يقول في أذانه: "الصلاة خير من النوم". وربما قال: "حي على خير العمل".
ثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه ومسلم بن أبي مريم، أن علي ابن حسين كان يؤذن، فإذا بلغ "حي على الفلاح" قال: "حي على خير العمل"، ويقول: هو الأذان الأول.
وقال البيهقي: روي ذلك عن أبي أمامة.
ثم خرج بإسناده من حديث أولاد سعد القرظ، عن آبائهم، عن بلال، أنه كان ينادي بالصبح، فيقول: "حي على خير العمل"، فأمره النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يجعل مكانها: "الصلاة خير من النوم"، ويترك"حي على خير العمل".
ثم قال: هذه اللفظة لم تثبت عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيا علم بلالا وابا محذورة، ونحن نكره الزيادة فيه. وبالله التوفيق.
فتح الباري لابن رجب باب الاذان مثنى مثنى 5/204
وفي حديث يعقوب بن حميد ثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن عن عبد الله بن محمد بن عمار وعمار وعمر بن سعد بن عمر بن سعد عن أبي إبراهيم عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال: "أنه كان ينادى بالصبح فيقول: حي/على خير العمل فأمر رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يجعل مكانها: الصلاة خير من النوم، وترك حي على خير العمل
قال النووي رحمه الله: يكره أن يقال في الأذان حي على خير العمل، لأنه لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروى البيهقي فيه شيئًا موقوفًا على ابن عمر، وعلي بن الحسين رضي الله عنهم، قال البيهقي رحمه الله: لم تثبت هذه اللفظة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنحن نكره الزيادة في الأذان، والله أعلم. انتهى "المجموع"أيضًا جـ 3 ص 98.
ومنها: زيادة حي على خير العمل مرتين، فليس فيه حديث مرفوع صحيح، بل من فعل ابن عمر، وعلي بن الحسين زين العابدين، والحجة فيما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا عن غيره.
ذخيرة العقبي في شرح المجتبى باب الدعاء عند الاذان 8/344
وقد تفطن إلى ذلك الشيخ الأعظمي فقال «أن ابن عمر كان لا يؤذن في السفر بل يكتفي بالاقامة ويكتفي من الاقامة بقوله حي على الصلاة مرتين أو ثلاثا، فقد روى (ش) من طريق أيوب عن نافع أن ابن عمر كان يقيم في السفر إلا في صلاة الفجر فإنه كان يؤذن ويقيم (ش1/146) وروى (هق) من طريق الليث عن نافع أن ابن عمر كان لا يؤذن في سفره وكان يقول: حي على الفلاح وأحيانا يقول حي على خير العمل» (مصنف عبد الرزاق1/465).
وبهذا يصير واضحا أن ابن عمر كان لم يكن يؤذن في السفر وإنما يكتفي عن الاذان بحي على خير العمل. وهي لم تكن آنذاك شعيرة كما يتخذها الشيعة وإنما كلمة عابرة بدلا عن الأذان. ويصير واضحا أيضا أنه لم يكن يدخل هذه العبارة في الأذان إذ لم يكن يؤذن أصلا حتى يدخل معه هذه العبارة.
وكانت هذه الكلمة عنده مندرجة في قول النبي e «واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة"وكان يفعل ذلك أحيانا وليس دائما كما ورد في الرواية نفسها أنه «كان يقول ذلك أحيانا».
ولا يرد على هذا الرواية الموضوعة عن بلال وهي:
عن عبد الله بن محمد بن عمار وعمر ابني سعد بن عمر بن سعد عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال: «أنه كان ينادي بالصبح فيقول: حي على خير العمل فأمره رسول الله e أن يجعل مكانها الصلاة خير من النوم وترك حي على خير العمل» (السنن الكبرى1/424 رقم2076).
فإن في الرواية مجاهيل: فمن هؤلاء الآباء ومن أجدادهم؟ ولهذا قال ابن دقيق العيد: رجاله مجهولون يحتاج إلى كشف أحوالهم». وقال ابن الملقن « قال العقيلي في «تاريخه» : قال عثمان بن سعيد: قلت ليحيى بن معين: عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد وعمار وعمر (ابني) حفص بن عمر بن سعد عن آبائهم عن أجدادهم: كيف حال هؤلاء؟ قال: ليسوا بشيء»
(تاريخ ابن معين الدارمي1/169 البدر المنير5/58).