كثرت الأحاديث والآثار حول صلاة الضحى، فبينما نقل عن بعض الصحابة وصفها بالبدعة، جاءت روايات أخرى صحيحة تؤكد مشروعيتها وفضلها. وقد جمع العلماء بين هذه النصوص ببيان أن المقصود بالبدعة ليس أصل الصلاة، وإنما المداومة عليها جماعة في المساجد، في حين أن المشروع هو صلاتها منفردًا في البيوت أو حيث شاء المصلي. وفي هذا المقال نستعرض الروايات الواردة، ونوضح أقوال العلماء في الجمع بينها، مع ذكر الأدلة التي تثبت استحباب صلاة الضحى وفضلها.

صلاة الضحى بدعة:

حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن منصور عن مجاهد قال: «دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة والناس يصلون الضحى في المسجد فسألناه عن صلاتهم؟ فقال بدعة» (رواه مسلم).

مقالات السقيفة ذات صلة:

تفسير قوله: ﴿إِن...... يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ على منهج أهل السنة

شبهة: ثم استوى على العرش في قوله:"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ")

التفسير الشيعي لآية ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾

التعليق:

هذا الأثر حمله أهل العلم على أن المراد به أن إظهارها في المسجد والاجتماع عليها هو بدعة لا أن أصل صلاة الضحى بدعة. وبهذا يزول الإشكال.

وهذا توجيه النووي رحمة الله تعالى:

قال النووى:

)أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا صَحَّ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الضُّحَى هِيَ بِدْعَةٌ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّظَاهُرَ بِهَا كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بِدْعَةٌ لَا أَنَّ أَصْلَهَا فِي الْبُيُوتِ وَنَحْوِهَا مَذْمُومٌ أَوْ يُقَالُ قَوْلُهُ بِدْعَةٌ أَيِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ وَهَذَا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِحْبَابُ الْمُحَافَظَةِ فِي حَقِّنَا بِحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي ذَرٍّ أو يقال أن بن عُمَرَ لَمْ يَبْلُغْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضُّحَى وَأَمْرُهُ بِهَا)

غير أن الإشكال في الرواية الأخرى:

حدثنا علي أنا شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عمر قال: «صلاة الضحى بدعة ونعم البدعة هي» (مسند علي الجمعة 4/437).

فإن في الرواية شريكا وهو سيء الحفظ وقد اختلط. وهو شريك بن عبد الله القاضي، مدلس وضعيف وما انفرد به منكر كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (تقريب التهذيب2787).

ولهذا لا يحتج به إذا انفرد. هذا ما عليه عامة أهل الجرح والتعديل. وهو وإن روى له مسلم فإنه لم يحتج به وإنما روى له في المتابعات كما صرح به غير واحد من المحققين. بل ومنهم الذهبي نفسه في الميزان، وكثيرا ما يقع الحاكم والذهبي في مثل هذا الوهم ويصححان أحاديث شريك على شرط مسلم» (معجم أسامي الرواة2/290).

والفرق بينها وبين الرواية الأولى أن الرواية الأولى ليس فيها (ونعمت البدعة هذه) وهي استنكار على من صلى الضحى بجماعة. وأما الثانية فليس فيها بيان سبب قول ابن عمر. وتتضمن الثناء على البدعة.

ادلة اثبات صلاة الضحى:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء، وفي رواية: مثله، وقال: يزيد ما شاء الله".

الراوي: عائشة المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 719

خلاصة حكم المحدث: صحيح

قال أبو هريرة رضي الله عنه: "أوصاني خليلي بثلاث لست بتاركهن: أن لا أنام إلا على وتر، وأن لا أدع ركعتي الضحى، فإنها صلاة الأوابين، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر".
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني المصدر: صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 664 خلاصة حكم المحدث: صحيح

قال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يصبح على كل سلامى من أحدكم في كل يوم صدقة، فله بكل صلاة صدقة، وصيام صدقة، وحج صدقة، وتسبيحة صدقة، وتكبيرة صدقة، وتحميدة صدقة، ويجزئ أحدكم من ذلك كله ركعتا الضحى".
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: الألباني المصدر: صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 8098 خلاصة حكم المحدث: صحيح