يحرص أتباع الفرقة الضالة المسماة بـ«الشيعة» على الطعن في أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، وهو صحيح الإمام البخاري، محاولين النيل من مكانته بعرض روايات يظنون أنها موضع اعتراض، متغافلين عن أصول علم الحديث، ومقاصد الأئمة في تصنيف كتبهم. وهذه المحاولات ليست جديدة، بل هي استمرار لمسيرة الطعن في السنة النبوية، التي تمثل الحصن المنيع لعقيدة المسلمين.
وفي هذا المقال نرد على إحدى الشبهات التي يرددها بعض الشيعة حول رواية «رجم القردة الزانية» التي أوردها الإمام البخاري في صحيحه، ونوضح حقيقتها ومغزاها العلمي، مع بيان ضعف استدلال الرافضة بها.
نص الأثر كما أورده الإمام البخاري:
قال الامام البخاري:
"3849 - حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ، قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ»"
صحيح البخاري - القَسَامَةِ فِي الجَاهِلِيَّةِ – ج 5 ص 44
بيان حال الأثر وحقيقته
هذا الاثر المروي عن عمرو بن ميمون رحمه الله مقطوع وليس من كلام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، فهو مبني على فهم هذا التابعي لما راه في الجاهلية، فالاثر لا تأثير فيه على الناحية الشرعية، وسبب ايراد الامام البخاري لهذا الاثر هو اثبات ان عمرو بن ميمون من المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية.
ففي تفسير القرطبي:
"فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَإِنَّمَا أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَلَمْ يُبَالِ بِظَنِّهِ الَّذِي ظَنَّهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
"تفسير القرطبي - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي – ج 1 ص 442
منهج الإمام البخاري في صحيحه
إن الإمام البخاري رحمه الله سمّى كتابه:
«الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيامه».
حيث إن المعتبر في التشريع هو قول النبي صلى الله عليه واله وسلم، ولهذا سمى الامام البخاري كتابه بالجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، اي ان ما جاء فيه مسندا الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فهو المعتبر في التشريع، فلا يصح لاحد ان يعترض على صحيح الامام البخاري بشيء.
فهذا الاثر ليس على شرط الامام البخاري حتى يقول أحد إنه حجة.
أقوال العلماء في حكم هذا الأثر
وقد حكم الامام الالباني على هذا الاثر بالنكارة، حيث قال: "(31) قلت: هذا أثر منكر؛ إذ كيف يمكن لإنسان أن يعلم أن القردة تتزوج، وأن من خلقهم المحافظة على العرض، فمن خان قتلوه؟ ثم هب أن ذلك أمر واقع بينها، فمن أين علم عمرو بن ميمون أن رجم القردة إنما كان لأنها زنت؟!
وأنا أظنُّ أن الآفة من شيخ المصنف نعيم بن حماد؛ فإنه ضعيف متهم، أو من عنعنة هشيم؛ فإنه كان مدلسًا، لكن ذكر ابن عبد البر في" الاستيعاب" (3/ 1205) أنه رواه عباد بن العوام أيضاً عن حصين= =كما رواه هشيم مختصراً.
قلتُ: وعباد هذا ثقة من رجال الشيخين، وتابعه عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون به مطولاً. أخرجه الإسماعيلي. وعيسى هذا وثقه العجلي، وابن حبان، وروايته مفصلة تبعد النكارة الظاهرة من رواية نعيم المختصرة، وقد مال الحافظ إلى تقويتها؛ خلافاً لابن عبد البر. والله أعلم "
مختصر صحيح البخاري – محمد ناصر الدين الالباني – ج 2 ص 535 – 536
وقد استنكر هذا الاثر الامام ابن عبد البر، حيث قال بعد ان ذكره: "وَهَذَا عِنْدَ جماعة أهل العلم منكر إضافة الزنا إِلَى غير مكلف، وإقامة الحدود فِي البهائم، ولو صح لكانوا من الجن، لأن العبادات فِي الجن والإنس دون غيرهما، وقد كَانَ الرجم في التوراة"
الاستيعاب – يوسف بن عبد الله بن عبد البر – ج 3 ص 1206
تناقض الرافضة في الاحتجاج بهذا الأثر:
ولقد ورد في كتب الرافضة ان بعض البهائم قد قطع ذكره لانه جامع اخته.
قال الصدوق:
"1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار جميعا قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أحمد بن إبراهيم بن عمار قال: حدثنا ابن نويه رواه، عن زرارة قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام كيف بدؤ النسل من ذرية آدم عليه السلام فإن عندنا أناس يقولون إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم عليه السلام ان يزوج بناته من بنيه وان هذا الخلق كله أصله من الاخوة والأخوات ؟ قال أبو عبد الله: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، يقول من يقول هذا إن الله عز وجل جعل أصل صفوة خلقه وأحبائه وأنبيائه ورسله وحججه والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام، ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطهر والطاهر الطيب والله لقد نبأت ان بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها ونزل كشف له عنها وعلم أنها أخته أخرج غرموله ثم قبض عليه بأسنانه ثم قلعه ثم خر ميتا "
علل الشرائع - الصدوق - ج 1 ص 17، ووسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 20 - ص 366، والتفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج 1 ص 415، وتفسير نور الثقلين - الحويزي - ج 1 ص 430، وقصص الأنبياء - الجزائري - ص 61 – 62
وقال المجلسي: "بيان: الغرمول بالضم: الذكر "
بحار الأنوار - المجلسي - ج 11 - ص 222
كيف تنكرت البهيمة لاخيها ؟ !.
هل في عرف البهائم ان الذي يجامع اخته يقتل نفسه ؟