من أعظم ما ابتُلي به الإسلام ظهورُ الفرق الضالة التي نسبت إلى الدين ما ليس منه، ومن أبرزها الشيعة الروافض الذين خالفوا كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، واخترعوا روايات باطلة ينسبونها زورًا إلى آل البيت الأطهار. ومن صور ذلك استنكارهم للأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين بحجة أنها “فضائل مضحكة”، بينما امتلأت كتبهم بعجائب وخرافات لا يقرها عقل ولا نقل.

وفي هذا المقال نعرض مثالًا بيِّنًا على هذا التناقض، وهو حديث تكلم البقرة والذئب، الحديث الصحيح في “صحيح البخاري”، ثم نُبين كيف رواه الشيعة أنفسهم، بل تجاوزوا به إلى اختلاق روايات عن الأسد والسمكة والشمس والأرز تتكلم وتشهد بالولاية لعلي رضي الله عنه!

نص الحديث الصحيح:

بينا رجل يسوق بقرة فضربها.. فقالت إنا لم نخلق لهذا

عن أبى هريرة رضى الله عنه قال صلى رسول الله e صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال: بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت إنا لم نخلق لهذا، إنما خلقنا للحرث». فقال الناس: سبحان الله بقرة تكلم؟ فقال « فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم. وبينما رجل فى غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة، فطلب حتى كأنه استنقذها منه، فقال له الذئب هذا استنقذتها منى فمن لها يوم السبع، يوم لا راعى لها غيري. فقال الناس سبحان الله ذئب يتكلم؟!  قال « فإنى أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر» (البخاري رقم3471).

بناء على منهجنا الناصع الصحيح: إذا صح الحديث فهو مذهبي: فيصير هذا الحديث تماما كقوله تعالى {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون}. والسنة الثابتة وحي الله كالقرآن.

الشبهة التي يثيرها الرافضة:

وقد زعم الرافضة أن سنة الله في خلقه تحيل وقوع المعجزات إلا في مقام التحدي، ووصفها التيجاني بالفضائل المضحكة.

الرد العلمي:

أولاً: الحديث صحيح ثابت:

قلت: هذه ما رواه البحراني عن أبي عبد الله عليه السلام قال «ثلاثة من البهائم تكلموا على عهد النبي e الجمل والذئب والبقرة، وذكر كلام الجمل والذئب» (مدينة المعاجز1/255).

ثانياً: المعجزة لا تختص بالأنبياء فقط:

وهل كان خلق الباقر فيلا ليطير عليه من باب التحدي لإثبات المعجزة؟ فقد رويتم عن جابر الجعفي أنه قال «رأيت مولاي الباقر(ع) وقد صنع فيلاً من طين فركبه وطار في الهواء حتى ذهب إلى مكة ورجع عليه» (نوادر المعجزات ص135 دلائل الإمامة ص220 محمد بن جرير الطبري الشيعي مدينة المعجز5/10مستدرك سفينة البحار6/628 و8/353).

وهل كان تكلم الشمس مع علي لمعجزة التحدي؟ ألم تزعموا أن عليا كان يكلم الشمس فيقول لها «السلام عليك يا خلق الله الجديد المطيع له. فردت عليه الشمس قائلة بلسان عربي فصيح: وعليك السلام يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شيء عليم» (بحار الأنوار41/180 كتاب سليم بن قيس الهلالي ص 453 تحقيق محمد باقر الأنصاري الزنجاني).

وفي رواية « وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه أشهد أنك عبد الله وأخو رسول الله حقا» (الهداية الكبرى ص119 لحسين بن حمدان الخصيبي).

فإذا كانت الشمس تكلم عليا فاسمحوا لأنفسكم قبول تكلم البقرة.

وأما ما تسميه فضائل مضحكة قد أثبت مثلها الشيعة. فعقد المجلسي باب بعنوان «باب الثعلب والأرنب والذئب والأسد. وأثبت هذا الحديث (بحار الأنوار65/79).

ثالثاً: التناقض الشيعي الصارخ

الرافضة الذين أنكروا هذا الحديث رووا في كتبهم ما هو أدهى وأغرب، ومن ذلك:

روايات الشيعة في تكلم الحيوانات والجمادات:

قال المجلسي: «وفي هذه السنة تكلم الذئب خارج المدينة ينذر برسول الله صلى الله عليه وآله كما روي عن أبي هريرة قال: جاء ذئب إلى راعي غنم فأخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى انتزعها منه، فصعد الذئب على تل فأقعى واستثفر وقال: عمدت إلى رزق رزقنيه الله انتزعته مني، فقال الرجل: بالله إن رأيت كاليوم ذئب يتكلم، قال الذئب: أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى وما هو كائن عندكم» (بحار الأنوار19/129).

وروى البحراني عن ابن شهر اشوب قال: «ورأى أسدا نحوه يهمهم ويمسح براسه الارض، فتكلم عليه السلام معه بشئ، فسئل عنه فقال: إنه يشكو للحبل ودعا لي وقال: لاسلط الله أحدا منا على أوليائك. فقال علي: آمين» (مدينة المعاجز1/252)

وروى الشيعة أن عليا نظر إلى جمجة نخرة فقال «أقسمت عليك يا جمجمة أخبريني من أنا؟ ومن أنت؟ فنطقت الجمجمة بلسان فصيح فقالت: أما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين في الطاهر والباطن وأعظم من أن توصف» (نوادر المعجزات ص21 محمد بن جرير الطبري الشيعي مدينة المعاجز1/225 بحار الأنوار41/214 عبد الله بن سبأ2/188 مرتضى العسكري).

وروى الشيعة أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أقبل على سمكة وقال لها «اقسمت عليك تتكلمين من انا ومن انت فنطقت السمكة بلسان فصيح وقالت أنت امير الؤمنين علي بن ابي طالب وقال يا فلان انا ابوك فلان بن فلان مت في سنة كذا وكذا وخلفت لك من المال كذا وكذا والعلامة في يدك كذا وكذا واقبل عليه السلام على الاخرى وقال لها اقسمت عليك تتكلمين من انا ومن انت فنطقت بلسان فصيح وقالت انت امير المؤمنين»

(عيون المعجزات ص14 حسين بن عبد الوهاب ص 14:

وحتى الخضار فإنها تكلمت وشهدت بالولاية لعلي رضي الله عنه (مدينة المعاجز1/2382).

وشهدت حبوب الأرز بولاية علي ووصاية النبي e له أيضا (مدينة المعاجز1/383).

والشيعة كانوا يكتفون من علي معجزة الدفاع عن فاطمة لما زعموا أن عمر ضربها وكسر ضلعها وأسقط جنينها وكان ذلك بمشهد من بعلها لها.

والآن لنبحث في مصادر الرافضة عما يشبه هذا الرواية التي اعترض عليها هذا المرجف:

عن محمد بن مسلم قال « أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي جعفر عليه السلام فحبس له البغلة حتى دنا منه فوضع يده على قربوس السرج ومد عنقه إليه، وأدنى أبو جعفر عليه السلام اذنه منه ساعة، ثم قال له: امض فقد فعلت، فرجع مهرولا، فقلت: جعلت فداك لقد رأيت عجبا، فقال: هل تدري ما قال؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال: ذكر أن زوجته في هذا الجبل وقد عسر عليها ولادتها فادع الله عز وجل أن يخلصها وأن لا يسلط شيئا من نسلي على أحد من شيعتكم أهل البيت، فقلت: قد فعلت» (بحار الأنوار62/71).