يواصل الشيعة عبر تاريخهم الطويل نسج الأكاذيب والأحاديث الموضوعة في محاولة لتشويه سيرة النبي ﷺ وأهل بيته الطاهرين، وتقديم روايات ملفقة تُظهر الأنبياء والأئمة وأزواج النبي وبناته في صور مشوهة تخالف القرآن والسنة الصحيحة. ومن بين هذه الأكاذيب ما يتعلق ببنات النبي ﷺ وزوجهن الشريف أبي العاص بن الربيع رضي الله عنه، الذي كان من خيرة العرب نسبًا وخلقًا.
إنّ هذا النهج في الافتراء والكذب ليس جديدًا على الشيعة، فهو جزء من منهجهم الذي يقوم على الوضع والتحريف خدمة لأهداف طائفية وسياسية. فهم ليسوا من جماعة المسلمين الذين قال الله فيهم: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، بل فرقة ضالة منحرفة، اتخذت من الكذب دينًا ومن الغلو سبيلاً لتشويه الإسلام وأهله.

وفي هذا المقال نكشف جانبًا من أباطيلهم حول زواج زينب بنت رسول الله ﷺ وأبي العاص بن الربيع، ونُبيّن تناقضاتهم في كتبهم، مع ردّ علمي موثق يُظهر كيف قلبوا الحقائق وحرّفوا الروايات لخدمة فكرهم المنحرف.

 

عرض الشبهة والرد عليها:

 

الشبهة الشيعية:

يزعم الشيعة في بعض كتبهم كـ النوادر لأحمد الأشعري وبحار الأنوار للمجلسي أن النبي ﷺ زوّج ابنته زينب من "منافق معروف بالنفاق"، وهو أبو العاص بن الربيع رضي الله عنه، في محاولة لتشويه صورة النبي ﷺ وكأنّه يزوّج بناته من المنافقين، مع أن النبي ﷺ قد قال: «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين» (صحيح البخاري).

والعجيب أن صهر النبي على ابنته زينب " أبا العاص " كان من بين أسرى معركة بدر، فأرسلت زوجته زينب قلادتها التي أهدتها أمها خديجة (عليها السلام) إليها في زفافها، لتفتدي بها زوجها، فلما وقعت عينا النبي على تلك القلادة وتذكر تضحية خديجة وجهادها، وتجسدت مواقفها أمام عينيه، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " رحم الله خديجة، فهذه قلادة جعلتها خديجة في جهاز بنتي زينب ووفقا لبعض الروايات فإنه امتنع عن قبول القلادة احتراما لخديجة وإكراما، واستجاز المسلمين في إرجاع القلادة، فأذنوا له أن يرجع القلادة إلى زينب، ثم أطلق  النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سراح أبي العاص، شريطة أن يرسل ابنته زينب - التي كانت قد تزوجت من أبي العاص قبل الإسلام - إلى المدينة، فوافق أبو العاص على هذا الشرط ووفى به بعدئذ....

تفسير الأمثل لناصر مكارم الشيرازي الجزء الخامس ص496 - 497

331 - ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن معمر، عن أبي عبد الله عليه السلام، فقال: زوج رسول الله صلى الله عليه وآله منافقين معروفي النفاق ثم قال: أبو العاص بن الربيع، وسكت عن الآخر.

النوادر لأحمد الأشعري ص129

18 - (كش): محمد بن مسعود قال: كتب إلي الفضل: حدثنا ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسماعيل بن جابر قال: قال داود بن علي لأبي عبد الله عليه السلام قد أتيت ذنبا لا يغفره الله لك، قال: وما ذاك؟ قال: زوجت ابنتك فلانا الأموي قال: إن كنت زوجت فلانا الأموي فقد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله عثمان ولي برسول الله أسوة.

بحار الأنوار للمجلسي الجزء 100 ص379

57 - وقال النسوي في تاريخه: أنكحه إياها أبوها خويلد بن أسد، وكان عمره (صلى الله عليه وآله) يومئذ خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام، فحضر أبو طالب ومعه بنو هاشم ورؤساء مضر، .... فلما تزوجها بقيت عنده قبل الوحي خمسة عشر سنة، وأولدها ستة: القاسم وبه يكنى (صلى الله عليه وآله). والطاهر. ويقال: اسمه عبد الله. وفاطمة وهي خير ولده. وزينب. ورقية. وأم كلثوم.

العدد القوية لعلي الحلي ص143 - 144

1880 - 1 علي بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي نجران، وسندي بن محمد، ومحمد بن الوليد جميعا عن عاصم بن حميد عن يزيد بن خليفة قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل من القميين فقال: يا أبا عبد الله أتصلي النساء على الجنازة؟ قال: فقال: أبو عبد الله (ع) إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان فيما هدر دم المغيرة بن أبي العاص، وحدث حديثا طويلا، وأن زينب بنت النبي صلى الله عليه وآله توفيت وإن فاطمة (عه) خرجت في نسائها فصلت على أختها.

الاستبصار للطوسي الجزء الأول ص485 باب الصلاة على جنازة معها امرأة

2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بنات.

الكافي للكليني الجزء السادس ص5

9 - أحمد بن محمد العاصمي، عن علي بن الحسن التيملي، عن علي بن أسباط، عن أبيه، عن الجارود بن المنذر قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: بلغني أنه ولد لك ابنة فتسخطها وما عليك منها، ريحانة تشمها وقد كفيت رزقها و (قد) كان رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بنات.

الكافي للكليني الجزء السادس ص6

115 - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن - عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن - أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ولد لرسول الله صلى الله عليه وآله من خديجة القاسم والطاهر وهو عبد الله، وأم كلثوم، ورقية، وزينب، وفاطمة. وتزوج علي ابن أبي طالب عليه السلام فاطمة عليها السلام، وتزوج أبو العاص بن الربيع وهو رجل من بني أمية زينب، وتزوج عثمان بن عفان أم كلثوم فماتت ولم يدخل بها، فلما ساروا إلى بدر زوجه رسول الله صلى الله عليه وآله رقية. وولد لرسول الله صلى الله عليه وآله إبراهيم من مارية القبطية وهي أم إبراهيم أم ولد.

الخصال للصدوق ص404

وسأل بزل (بديل) الهروي الحسين بن روح (السفير الثالث للمهدي) رضي الله عنه فقال: كم بنات رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: أربع، فقال: أيتهن أفضل؟ فقال: يا فاطمة، قال: ولم صارت أفضل وكانت أصغرهن سنا وأقلهن صحبة لرسول الله؟ قال: لخصلتين خصها الله بهما، أنها ورثت رسول الله ونسل رسول الله منها، ولم يخصها بذلك إلا بفضل إخلاص عرفه من نيتها.

مناقب ابن شهر آشوب الجزء الثالث ص105

5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: قال أبي: ما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) سائر بناته ولا تزوج شيئا من نسائه على أكثر من اثنتي عشرة أوقية ونش، الأوقية أربعون والنش عشرون درهما.

الكافي للكليني الجزء الخامس ص376(باب) * (السنة في المهور)

47 / 16 - وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل بفاطمة (عليها السلام) بعد وفاة أختها رقية زوجة عثمان بستة عشر يوما، وذلك بعد رجوعه من بدر، وذلك لأيام خلت من شوال، وروي أنه دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة، والله تعالى أعلم.

الأمالي للطوسي ص43

الرد العلمي:

 

هذا الزعم من أبطل الباطل، وهو مخالف للنصوص الصحيحة الثابتة في كتب الحديث والسيرة. فقد ثبت في صحيح البخاري والسيرة النبوية لابن هشام أن أبا العاص بن الربيع رضي الله عنه كان رجلًا شريفًا أمينًا، شهد له النبي ﷺ بالصدق والوفاء، وقال عنه: «حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي».

أما الروايات التي أوردها الشيعة فهي من طريق رواة متروكين أو متهمين بالكذب، كالأصبغ بن نباتة وسعد بن طريف ومحمد بن يونس الكديمي، وكلهم مجروحون كما بيّن الإمام الألباني في السلسلة الضعيفة، بل إن بعضهم رافضي غالٍ في الكذب على النبي وأصحابه.

والعجيب أنهم يروون في كتبهم أيضًا ما يناقض ذلك تمامًا، فيذكر الكليني في الكافي أن رسول الله ﷺ زوّج أبا العاص ابنته زينب، وعدّه من المؤمنين، بل رووا أن النبي ﷺ ترحم على خديجة لما رأى قلادة زينب التي افتدت بها زوجها في بدر، وهذا يبيّن التناقض الكبير في رواياتهم.

النتيجة:
إذن، لا يصحّ ما نسبه الشيعة إلى النبي ﷺ من تزويج بناته لمنافقين، لأن هذه الروايات ساقطة السند، موضوعة المتن، تعارض الصحيح المشهور، وتكشف منهج الشيعة في اختلاق القصص لتشويه رموز الإسلام والتقليل من شأن الصحابة وأهل بيت النبي الحقيقيين.