كثُر في الآونة الأخيرة استدلال بعض أتباع الفرقة الضالّة المسماة بالشيعة بأحاديث منسوبة زورًا إلى رسول الله ﷺ وإلى الصحابة الكرام، وذلك لإثبات مكانةٍ خاصةٍ لفاطمة الزهراء رضي الله عنها أو لتفضيل آل البيت على سائر الصحابة بغير حق. وهذه الأحاديث في غالبها باطلة أو ضعيفة أو موضوعة، وضعها بعض الغالين في آل البيت لتحقيق أغراض مذهبية. ومن هذه الروايات ما نُسب إلى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في قوله لفاطمة بنت رسول الله ﷺ:
«يا فاطمة والله ما رأيت أحدًا أحبَّ إلى رسول الله منك، والله ما كان أحدٌ من الناس بعد أبيك أحبَّ إليَّ منك».
وفي هذا المقال نعرض نص الحديث، ونُبين درجته من حيث الصحة والضعف، ثم نكشف سبب وضعه، ونرد على الشبهة التي يروّجها بعض الشيعة حوله.
| 
			 نص الحديث:  | 
		
روى الحاكم في المستدرك (3/168) من طريق:
مكرم بن أحمد القاضي، قال: ثنا أحمد بن يوسف الهمداني، ثنا عبد المؤمن بن علي الزعفراني، ثنا عبد السلام بن حرب، عن عبيد الله بن عمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه:
أنه دخل على فاطمة بنت رسول الله ﷺ فقال:
«يا فاطمة، والله ما رأيت أحدًا أحبَّ إلى رسول الله منك، والله ما كان أحد من الناس بعد أبيك أحبَّ إلي منك».
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
لكن الذهبي تعقّبه بقوله: "غريب عجيب".
| 
			 تحليل الإسناد وبيان ضعفه:  | 
		
بيّن الإمام الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (3/255–256) أن هذا الحديث لا يصح، وأن العلة فيه تتردد بين راويين في السند، وهما:
عبد السلام بن حرب:
قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب (1/355): «ثقة، له مناكير».
ومع أنه من رجال الشيخين، إلا أن له بعض الأحاديث التي أنكرها الأئمة، مما يضعف الاعتماد عليه منفردًا في مثل هذا الخبر الغريب.
عبد المؤمن بن علي الزعفراني:
قال الألباني: «لم أر من وثّقه توثيقًا صريحًا، وغاية ما ذكره ابن أبي حاتم أن الإمام مسلمًا قال: سألت أبا كريب عن عبد المؤمن بن علي الرازي فأثنى عليه، وقال: لولا عبد المؤمن من أين كان يسمع أبو غسان النهدي من عبد السلام بن حرب؟».
وهذا لا يُعد توثيقًا صريحًا، بل هو مدح محتمل لا يرقى لدرجة القبول في الإسناد، ولذلك فالحديث ضعيف لا تقوم به حجة.
| 
			 أقوال العلماء في الحديث:  | 
		
◘ قال الإمام الذهبي في تلخيص المستدرك: «غريب عجيب».
◘ وقال الإمام الألباني: «الحديث ضعيف، والعلة تتردد بين عبد السلام بن حرب وعبد المؤمن بن علي».
◘ وذكر الحافظ ابن حجر أن لعبد السلام بن حرب مناكير تُضعّف تفرده بمثل هذا الخبر.
وعليه فالحكم النهائي للحديث: ضعيف لا يصح عن عمر رضي الله عنه.
| 
			 الرد على الشبهة:  | 
		
يستدل بعض الشيعة بهذا الحديث لإظهار أن فاطمة رضي الله عنها كانت مقدمة على سائر الصحابة، بل ويزعمون أن عمر رضي الله عنه كان يقرّ بفضلها المطلق عليهم جميعًا.
والجواب:
لا خلاف بين أهل السنة في حبِّ فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وأنها سيدة نساء أهل الجنة، ولكن هذا لا يعني عصمتها ولا تفضيلها على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
◘ الحديث ضعيف الإسناد، فلا يُحتج به في العقيدة أو الفضائل.
◘ الأحاديث الصحيحة في فضل فاطمة رضي الله عنها كافية، منها قوله ﷺ:
«فاطمة بضعة مني، من أغضبها فقد أغضبني» (رواه البخاري ومسلم).
وهذه الأحاديث لا تعارض محبة الصحابة الآخرين ولا تقدمها على أبيها أو خلفائه الراشدين.
إذن فالرواية المذكورة لا تثبت، ولا يجوز الاستدلال بها، وهي من الأحاديث التي يتناقلها الشيعة لتقوية دعواهم الباطلة في العصمة والولاية.
| 
			 المصادر والمراجع:  | 
		
◘ المستدرك على الصحيحين – للحاكم النيسابوري – ج3 ص168.
◘ تلخيص المستدرك – للذهبي.
◘ تقريب التهذيب – لابن حجر العسقلاني – ج1 ص355.
◘ سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة – محمد ناصر الدين الألباني – ج3 ص255–256.