تتعمد الفرقة الشيعية الضالة منذ نشأتها على اختلاق الأحاديث الضعيفة أو تأويل الأحاديث الصحيحة بما يخدم أغراضها في الطعن في الصحابة الكرام أو قلب الحقائق المتعلقة بعلاقاتهم بأهل بيت النبي ﷺ. ومن تلك المحاولات المستمرة، نسبة روايات مكذوبة أو ضعيفة لإيهام الناس بوجود تناقضات أو خصومات بين الصحابة وآل البيت، أو العكس لتبرير عقائدهم الفاسدة.
وفي هذا المقال نعرض روايةً وردت في بعض كتب السنة حول محبة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للسيدة فاطمة بنت رسول الله ﷺ، والتي حكم عليها الحاكم بأنها "صحيحة الإسناد على شرط الشيخين"، غير أن الإمام الألباني رحمه الله بيّن ضعفها وتعليلها الدقيق، وفنّد ما فيها من أوهام في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
| 
			 نص الرواية كما وردت:  | 
		
قال الحاكم في المستدرك (3/155):
حدثنا مكرم بن أحمد القاضي، حدثنا أحمد بن يوسف الهمداني، حدثنا عبد المؤمن بن علي الزعفراني، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن عبيد الله بن عمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه، أنه دخل على فاطمة بنت رسول الله ﷺ فقال: يا فاطمة، والله ما رأيتُ أحدًا أحبَّ إلى رسول الله ﷺ منك، والله ما كان أحدٌ من الناس بعد أبيك ﷺ أحبَّ إليَّ منك.
ثم قال الحاكم:
"صحيح الإسناد على شرط الشيخين." وقال الذهبي معقبًا: "قلت: غريب عجيب."
| 
			 مقدمة: صناعة الأكاذيب وتشويه الحقائق:  | 
		
تعقيب الإمام الألباني على الرواية:
قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (ج3 / ص255–256):
"أما أنه على شرط الشيخين، فوهمٌ لا شك فيه، لأن من دون عبد السلام بن حرب لم يخرجا لهم، وعبد السلام بن حرب ليس من شيوخهما.
وأما أنه صحيح، ففيه نظر، والعلة عندي تتردد بين عبد السلام وعبد المؤمن.
فالأول وإن كان من رجال الشيخين، فقد اختلفوا فيه، ووثقه الأكثرون، وقال الحافظ: (ثقة حافظ له مناكير).
وأما عبد المؤمن، فلم أرَ من وثقه توثيقًا صريحًا، وغاية ما ذكر فيه ابن أبي حاتم (3/1/66) أن الإمام مسلمًا قال: (سألت أبا كريب عن عبد المؤمن بن علي الرازي فأثنى عليه، وقال: لولا عبد المؤمن من أين كان يسمع أبو غسان النهدي من عبد السلام بن حرب؟) والله أعلم."
| 
			 تحليل الألباني للرواية:  | 
		
يتضح من كلام الألباني رحمه الله أن الرواية فيها ضعفٌ من جهة السند، وذلك من جهتين:
عبد المؤمن بن علي الزعفراني:
لم يُوثَّق توثيقًا صريحًا، وذكره بعضهم بعبارات لا ترقى إلى التعديل القوي.
عبد السلام بن حرب:
وإن كان ثقةً حافظًا، إلا أن له مناكير، مما يجعل الحديث غير سالم من النقد.
إضافةً إلى أن الحاكم أخطأ حين قال إن الإسناد على شرط الشيخين، لأن من في السند من الرواة لم يخرج لهم البخاري ولا مسلم.
وبناءً على ذلك، فالحكم الصحيح أن الحديث ضعيف الإسناد، ولا يصح أن يُستدل به على أن عمر رضي الله عنه دخل على فاطمة رضي الله عنها بهذا النص.
| 
			 الشبهة التي يستغلها الشيعة:  | 
		
يستدل بعض الشيعة بهذه الرواية – رغم ضعفها – ليزعموا أن هناك محبة ظاهرة بين عمر وفاطمة رضي الله عنهما، ثم يلتقطون من ذلك ما يؤيد دعواهم في زواج عمر من أم كلثوم بنت فاطمة، وأن هذا الزواج دليل على رضا آل البيت عنه، فيستعملون الحديث في الاتجاه المعاكس أحيانًا لإثبات أن أهل السنة يحتجون بأحاديث غير ثابتة.
بينما في الواقع، أهل السنة لا يثبتون إلا ما صح إسناده، ولا يتعصبون لرواية لمجرد موافقتها لموقفٍ تاريخي.
فالمعيار عند أهل العلم هو ثبوت السند واتصال الرواية وصحة المتن، لا الهوى ولا الميل المذهبي.
| 
			 الرد العلمي على الشبهة:  | 
		
1)  منهج أهل السنة في التصحيح والتضعيف ثابت وواضح، فهم يروون الحديث ويحققونه، فإن ثبت قبلوه، وإن ضعف ردّوه، ولو كان ظاهره في صالح مذهبهم.
أما الشيعة فيروون الأباطيل دون تمحيص، بل ويصححون الموضوعات إذا وافقت هواهم.
2) هذا الحديث بالذات ضعيف كما بينه الألباني، والعلماء لم يحتجوا به، بل ذكروه في باب الفضائل لا في العقائد أو الأحكام.
3) أما ما يروّجه الشيعة من أن هذا الحديث "اعتراف من عمر بمحبة فاطمة الخاصة"، فهو تأويل سياسي لا علمي، لأن الأصل في المحبة بين الصحابة وأهل البيت أنها كانت محبة دينية صادقة، لا علاقة لها بالنزاعات التي اختلقها الشيعة فيما بعد.
| 
			 خلاصة القول:  | 
		
حديث: «يا فاطمة، والله ما رأيت أحدًا أحب إلى رسول الله منك، وما كان أحد من الناس بعد أبيك أحب إلي منك» حديث ضعيف الإسناد، حكم عليه الحاكم تصحيحًا وهمًا، وبيّن الألباني علّته تفصيلاً.
ولا يجوز نسبته إلى النبي ﷺ أو الاستدلال به إلا على وجه الفضائل العامة دون القطع بصحته.
كما أن محبة عمر لفاطمة وآل البيت ثابتة بطرق صحيحة أخرى، منها مواقفه في إكرام ذرية النبي ﷺ، وهي من دلائل عدله وإيمانه، فلا حاجة لحديث ضعيف لإثبات ما ثبت بالقطع.
| 
			 المصادر والمراجع:  | 
		
◘ المستدرك على الصحيحين – للحاكم النيسابوري – ج3 / ص155.
◘ تلخيص المستدرك – للذهبي.
◘ سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة – محمد ناصر الدين الألباني – ج3 / ص255–256.
◘ الجرح والتعديل – ابن أبي حاتم (3/1/66).
◘ ميزان الاعتدال – الذهبي.
◘ القرآن الكريم – للاستشهاد على وجوب التثبت وعدم الغلو.