| 
			 مقدمة: صناعة الأكاذيب وتشويه الحقائق:  | 
		
لقد ابتليت الأمة الإسلامية عبر تاريخها بظهور فرق ضالة اتخذت من الدين وسيلة لتحقيق أهداف سياسية وعقدية، وعلى رأسها الشيعة التي ليست من المسلمين، بل هي فرقة مارقة انحرفت عن صراط أهل السنة والجماعة، خاصة في قضايا الإمامة والولاء. هذه الفرق، ومنها الرافضة، لم تتورع عن وضع الأحاديث الباطلة والمكذوبة ونسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام، لغرض تعظيم أئمتهم أو إثبات حقوق مزعومة لهم، حتى لو تعارض ذلك مع أصول الدين ونقاوة السنة النبوية.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، الأحاديث التي تتناول مناقب أهل البيت بصيغ مبالغ فيها أو مخالفة للثابت، مثل حديث: "يا معشر الخلائق طأطئوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة". إنّ أهل السنة والجماعة، وهم المتمسكون بالمنهج السليم، لا يحتاجون إلى هذه الأكاذيب لبيان عظمة ومكانة سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، التي ثبتت مناقبها بالصحيح الثابت.
يقدم هذا المقال تحليلًا نقديًا للمرويات المختلفة لهذا الحديث، معتمدًا على قواعد الجرح والتعديل لدى أئمة الحديث كالإمام الذهبي والبخاري، لبيان بطلانها وحماية السنة النبوية من زيغ الضالين.
| 
			 المنهج النقدي في تمحيص مرويات فضائل فاطمة الزهراء:  | 
		
إنّ مناقب الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام هي مناقب ثابتة وصحيحة، مثل كونها أفضل نساء أهل الجنة وأكمل نساء العالمين. ولا يحتاج أهل السنة إلى أحاديث باطلة لإخفاء مناقبها، كما يدعي المدلس الكوراني وأشباهه من الرافضة. بل إنهم يضعفون هذه المرويات الباطلة صيانة للسنة النبوية وحفظًا لمكانتها، حتى لا يختلط الصحيح بالواهي.
تأتي الأحاديث التي فيها الأمر بغض الأبصار أو طأطأة الرؤوس عند مرور فاطمة يوم القيامة من طرق متعددة، وكلها لا تخلو من علل قادحة في إسنادها:
الرواية الأولى: طأطئوا رؤوسكم
متن الرواية: عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد يا معشر الخلائق طأطئوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم».
الحكم النقدي:
◘ المصدر: رواه الخطيب في (تاريخه 3/430 و 8/141).
◘ العلة: تعقّب الإمام الذهبي الخطيب على إيراده للرواية دون جرح أو تعديل، مؤكدًا أنّ الراوي اضطرب في إسناده وأتى بهذا الخبر الباطل (ميزان الاعتدال 1/548 ترجمة 2058).
الرواية الثانية: غضوا أبصاركم ونكسوا
متن الرواية: عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجب: يا أيها الناس غضوا أبصاركم ونكسوا فإن فاطمة بنت محمد تجوز الصراط إلى الجنة».
الحكم النقدي:
◘ المصدر: رواه البيهقي في (دلائل النبوة 2/176).
◘ العلة: في إسناده العرزمي وهو محمد بن عبيدالله العرزمي أبو عبد الرحمن الكوفي.
◘ حكمه: متروك.
قال عنه الإمام البخاري: «تركه ابن المبارك ويحيى» (التاريخ الكبير 1/171).
الرواية الثالثة والرابعة: غضوا أبصاركم عن فاطمة
متن الرواية: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجب يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة رضي الله عنها بنت محمد صلى الله عليه وسلم حتى تمر».
الحكم النقدي:
◘ المصدر: رواه الطبراني في (المعجم الكبير 22/400) والحاكم في (المستدرك 4/255).
◘ العلة: إسناده واه جدًا بل موضوع.
• فيه العباس بن الوليد بن بكار الضبي (العباس بن الوليد بن بكار).
• صفته: رافضي.
• قال عنه ابن حبان: «شيخ من أهل البصرة يروي... العجائب... لا يجوز الاحتجاج به بحال ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار للخواص» (كتاب المجروحين 2/190).
• ومن أباطيله ما ذكره الذهبي (ميزان الاعتدال 2/382).
◘ تحقيق الحكم: قال الحاكم عن هذه الرواية: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، لكن تعقبه الذهبي بقوله القاطع: «لا والله بل موضوع».
| 
			 الشبهة والرد عليها: صيانة مناقب الصديقة الزهراء:  | 
		
الشبهة:
يدعي الرافضة ومن تبعهم أن أهل السنة والجماعة يتعمدون تضعيف هذه الأحاديث أو إخفاءها لإخفاء مناقب فاطمة عليها السلام وتقليل مكانتها.
الرد:
إنّ أهل السنة والجماعة يلتزمون بالمنهج العلمي في نقد الروايات، والمبني على قاعدة أن العبرة بصحة الإسناد لا بجمال المتن أو موافقته للأهواء.
1- الثابت يغني عن الباطل: كتب أهل السنة ممتلئة بـمناقب فاطمة الثابتة التي تُغني عن هذه الأكذوبة، مثل كونها سيدة نساء أهل الجنة.
2- حفظ السنة: تضعيف هذه الروايات الموضوعة هو عمل ديني وعلمي بامتياز، يهدف إلى صيانة حديث النبي صلى الله عليه وسلم من الدس والتحريف، وكشف كذب الوضّاعين والفرق الضالة كالعباس بن الوليد بن بكار الرافضي.
3- الإجماع النقدي: الأئمة الكبار كـالذهبي والبخاري اتفقوا على تضعيف أو الحكم على هذه المرويات بالبطلان والوضع، بسبب وجود رواة متروكين أو كذابين أو منحرفين في إسنادها.
| 
			 الخاتمة: مكانة فاطمة بنور الحق:  | 
		
إن مكانة فاطمة الزهراء عليها السلام في قلوب أهل السنة والجماعة هي مكانة عظيمة، مستمدة من مكانتها عند النبي صلى الله عليه وسلم، ومؤيدة بالصحيح من السنة. ولا يمكن لـالروايات الباطلة والموضوعة أن تزيد من قدرها الثابت، بل إنها تسيء إلى السنة وتخدم أهداف الفرق التي تضع الأكاذيب.
| 
			 المصادر:  | 
		
1-تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (3/430 و 8/141).
2-ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام الذهبي (1/548 ترجمة 2058 و 2/382).
3-دلائل النبوة للبيهقي (2/176).
4-التاريخ الكبير للإمام البخاري (1/171).
5-كتاب المجروحين لابن حبان (2/190).
6-المعجم الكبير للطبراني (22/400).
7-المستدرك على الصحيحين للحاكم وتعقيب الذهبي عليه (4/255).