من أخطر ما تقوم به الفرقة الضالّة الشيعية هو اختلاق الأحاديث الضعيفة والموضوعة ونسبتها إلى النبي ﷺ لخدمة مذهبهم القائم على الطعن في الصحابة رضي الله عنهم، والتشكيك في عدالتهم، وتصويرهم على أنهم اغتصبوا الخلافة أو استأثروا بفيء المسلمين. هذه الطريقة في ليّ النصوص وتحريفها تمثل امتدادًا لنهجٍ قديمٍ ظهر منذ العصور الأولى للإسلام، حينما حاولت بعض الفرق زرع الفتنة بين المسلمين. ومن بين الأحاديث التي يستغلها الشيعة في هذا الباب حديث: «كَيْفَ أَنْتُمْ وَأَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي يَسْتَأْثِرُونَ بِهَذَا الْفَيْءِ؟».
وهذا الحديث يرويه بعضهم لإيهام الناس بأن النبي ﷺ كان يتحدث عن الصحابة الكرام أو الخلفاء الراشدين، وهو فهم باطل ومردود، كما أن الحديث ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة، وقد حكم بضعفه كبار المحدثين.
| 
			 نص الحديث ومصدره:  | 
		
روى أبو داود في سننه (رقم 4759) عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: «كَيْفَ أَنْتُمْ وَأَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي يَسْتَأْثِرُونَ بِهَذَا الْفَيْءِ؟»
قال: قلتُ: أما والذي بعثك بالحق، لأضعنَّ سيفي على عاتقي، ثم أضرب به حتى ألقاك أو أُلحِقَكَ.
قال ﷺ: «أَوَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ تَصْبِرُ حَتَّى تَلْقَانِي». [1]
المصدر:
جامع الأصول – تحقيق عبد القادر الأرناؤوط – ط الحلواني – ج10 / ص8.أخرجه كذلك الإمام أحمد (5/179) وأبو داود (4759) وعبد الله بن أحمد (5/180).
| 
			 حكم العلماء على الحديث:  | 
		
قال أيمن صالح شعبان في تعليقه على الحديث في جامع الأصول (ط دار الكتب العلمية):
"إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (5/179) قال: حدثنا يحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكير قالا: حدثنا زهير. وأبو داود (4759) قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي. قال: حدثنا زهير. وعبد الله بن أحمد (5/180) قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن أيوب. قال: حدثنا أبو بكر، يعني ابن عياش. كلاهما - زهير بن معاوية، وأبو بكر بن عياش - عن مطرف بن طريف، عن أبي الجهم، عن خالد بن وهبان، فذكره. قلت: فيه خالد بن وهبان، لم يروله ابن داود إلا حديثين أحدهما هذا والآخر في التحذير من مخالفة الجماعة، وقال الحافظ في التهذيب (3/125): ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: مجهول."
◘ كما حكم الإمام الألباني بضعفه في ضعيف الجامع الصغير وزيادته (1/622، ط المكتب الإسلامي): "4287 - (كيف أنت وأئمة من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟ اصبر حتى تلقاني (حم د) عن أبي ذر.
(ضعيف)."
الخلاصة:
الحديث ضعيف لا يصح عن النبي ﷺ، لوجود راوٍ مجهول وهو خالد بن وهبان، فلا يجوز نسبته إلى الرسول ولا الاستدلال به في العقائد أو المواقف السياسية.
| 
			 توظيف الشيعة للحديث في الطعن بالصحابة  | 
		
يستغل الشيعة هذا الحديث الضعيف لتمرير شبهتهم القديمة التي تزعم أن الصحابة بعد وفاة النبي ﷺ استأثروا بمال المسلمين، وأن الخلفاء الراشدين – والعياذ بالله – خانوا الأمانة.
وهذا من أبطل الباطل؛ لأن الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم كانوا من أزهد الناس في الدنيا وأحرصهم على العدل، وقد شهد لهم النبي ﷺ بالجنة، وأوصى باتباع سنتهم فقال ﷺ:
«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي» رواه أبو داود (4607) والترمذي (2676) وقال: حديث حسن صحيح.
فكيف يُعقل أن يُذمّهم بحديثٍ ضعيفٍ لا يصح؟!
| 
			 الرد على الشبهة:  | 
		
1- من حيث الإسناد: الحديث ضعيف كما تقدم، فلا يحتج به، ولا يجوز الاستدلال به على أمرٍ يتعلق بعدالة الصحابة أو الخلافة.
2- من حيث المتن والمعنى: حتى لو صحّ، فإنه لا يشير إلى الخلفاء الراشدين، بل يتحدث عن أئمةٍ متأخرين بعد عصرهم، ممن يستأثرون بالفيء في عصور الفتن والملوك. وهذا يوافق ما جاء في أحاديث أخرى صحيحة عن وقوع الفتن بعد القرون المفضّلة.
3- من حيث المقصد النبوي: النبي ﷺ وجّه أبا ذر إلى الصبر وعدم الخروج على الأئمة ولو ظلموا، حفاظًا على وحدة الأمة، لا على السكوت عن الحق، وإنما لدرء الفتنة.
وهذا المعنى جاء في حديث آخر صحيح:
«تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ» (رواه مسلم 1847).
| 
			 خلاصة القول  | 
		
إن الشيعة الإمامية يعتمدون على الأحاديث الضعيفة والموضوعة لبناء تصوّرهم المشوّه عن التاريخ الإسلامي، ولتشويه صورة الصحابة والخلفاء الراشدين، رغم أن هذه النصوص لا تثبت بإجماع المحدثين.
وعلى المسلم أن يكون واعيًا، يميّز الصحيح من الضعيف، وأن لا ينجرف خلف رواياتٍ منكرة لا سند لها.
فدين الله لا يُؤخذ إلا من القرآن الكريم والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله ﷺ.
| 
			 المصادر والمراجع  | 
		
1- سنن أبي داود، حديث رقم (4759).
2- مسند الإمام أحمد (5/179).
3- جامع الأصول – تحقيق عبد القادر الأرناؤوط – ط الحلواني – ج10 / ص8.
4- تعليق أيمن صالح شعبان – ط دار الكتب العلمية.
5- الألباني، ضعيف الجامع الصغير وزيادته – ج1 / ص622 – ط المكتب الإسلامي.
6- تهذيب التهذيب لابن حجر – ج3 / ص125.
7- القرآن الكريم – مواضع متعددة في التحذير من الفتنة والاختلاف.
8- سنن أبي داود والترمذي – حديث «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين».
[1] رقم (4759) في السنة، باب في قتل الخوارج، وفي سنده مجهول.